ليست المملكة المتحدة بريطانية العظمى وإيرلاندا التي يدعوها بانكلترا على غير حقيقتها أمة كفرنسا بل هي مجتمع أمم قديمة (غاليون وايكوسيون وإيرلانديون) خضعت لسلطان أمة متغلبة وظلت مباينة لها في نظامها الاجتماعي والديني وربما ساغ ان تدعى أمة جديدة ذاك المجتمع الصناعي الذي نشأ منذ أوائل القرن الثامن عشر في الأصقاع المقفرة في الغرب والشمال من انكلترا.
فانكلترا القديمة أي انكلترا الجنوب والشرق التي نظمت الحكومة والكنيسة كانت ارستوكراطية وانكليكانية ولا تزال كذلك اليوم خاضعة لإشرافها وكهنوتها وقد ظلت سياج الحزب المحافظ وحصنه الحصين أما سائر أمم المملكة فلم تكن لها صلة بالأشراف ولا بالكنيسة الانكليكانية بل كانت ايكوسيا من الشيعة البرسبتارية ديمقراطية في مناحيها وإيرلاندا كاثوليكية معادية لنبلاء الانكليز وبلاد الغال وانكلترا الجديدة الصناعية في الشمال والغرب يسكنها ناس من المخالفين. فكانت هذه المجتمعات الديمقراطية والمخالفة معادية بالطبع للحكم الذي يبعدها من السلطة ويجعل أديانها غير معتبرة رسمياً وهي التي تألفت منها الأحزاب المعارضة للنبلاء الانكليز والكهنوت الانكليكاني. والايكوسيون والايرلانديون والغاليون وانكليز الشمال والغرب هم الذين ألفوا ويؤلفون بعد سواد الحزب الحر والحزب الراديكالي وهم الذين أدخلوا على انكلترا القديمة تغييراً ديمقراطياً.
بيد ان انكلترا القديمة التي كان فيها بلاط الملك والحكومة قد انتفعت من ذلك للمحافظ على طريقة الحكم القديمة ومد سلطانها على رعايا بريطانيا العظمى وبمقاومتها للجديد من الحالات حتى ينفذ صبر رعاياها قد توصلت إلى ان تخفف كثيراً التحول نحو الديمقراطية وهكذا كان التبديل البطيء في الأوضاع الانكليزية على نسبة القوى الهائلة التي استخدمها المعارضون.
لم يبدأ الحزب الديمقراطي ببث دعوته في مملكة من ممالك أوروبا قبل ان يبثها في انكلترا فان هذه سبقت العالم لأول مرة في القرن التاسع عشر وذلك انه بواسطة الراديكاليين سنة ١٨١٩ قد وضعت الخطة السياسية لجميع الأحزاب الديمقراطية في أوروبا. وما من حزب ديمقراطي قد استجاش له أنصاراً وأعواناً أكثر من الراديكاليين والشارتيين والايرلنديين والمتظاهرين من العملة سنة ١٨٦٦ فقد كانت انكلترا بلاد الاضطرابات والتظاهرات