سالم بك أحد علماء مصر العاملين وسائر مؤازريه الفضلاء الخير في الدارين لعلمهم المبرور وآمل ان يكتب البقاء لهذا العمل العظيم بهمة جامع شمله الأستاذ محمد رشيد رضا ناظر المدرسة ووكيل الجمعية وان يكون أساسه على صخر متين سداه الماديات ولحمته المعنويات فيكون من مادياته مخرجا إلى معنوياته والسلام.
في طريق رومية
أول ما يلاحظ المسافر من الأرض العثمانية إلى الديار الأوروبية ان كل ما يقع نظره عليه هو غريب عنه ليس له منه إلا النظر فسبحان من جعلنا في بلادنا وبلاد غيرنا غرباء مساكين.
ركبت هذه المرة القطار من دمشق إلى بيروت وهو لشركة فرنساوية ثم أبحرت من ثغر الشام على باخرة ايطالية (تيفرا) حتى إذا بلغت الإسكندرية وأردت الركوب منها إلى نابل ميناء رومية ركبت الباخرة البرنس هتري من بواخر شركة نوردتش لويد الألمانية وهكذا كنت عالة في تنقلي على الفرنساوي والايطالي والألماني ولو قصدت وجهة أخرى لكنت في ضيافة الروسي والنمساوي والانكليزي والروماني!
حالة يأسف لها وأيم الحق كل من ينبض فيه عرق الوطنية لانها تصغر نفسه في عينه ومن ساء ظنه بنفسه انحطت عن كل عمل. نعم يتألم الفؤاد من هذه الحركة الاقتصادية المباركة لان العثمانيين عامة والسوريين خاصة بعيدون عنها كل البعد ليس لهم علم الغربي يذكرون به ما ينهضهم من كبوتهم ليتمثلوا به في جهاد الحياة الراقية ولا أسبابه المادية التي تبعثهم على تقليد الناهضين من شعوب العالم المتحضر في هذا العصر.
نحن ويا للآسف نريد ان نعيش في القرن العشرين عيش ابن القرن العاشر ونرى لسوء حظنا ان مجدنا القديم يكفي تذكره وحده ليحيينا إلى الأبد حياة طيبة رشيدة ونتطاول إلى ان نقنع العالم بأنفسنا بأننا شعب راق بمجرد إيراد الشواهد على أيامنا الغر المحجلة في تاريخ المدينة السعيدة ولكن حضارة الغرب اليوم لا تبقي على ضعيف في قوته ومعرفته ومادته وحكومته. هي تبتلع العالم والشاهد على ذلك استصفاؤها قارة إفريقيه وتوشك قارة آسيا لولا بقايا شعوب مستقلة عظيمة كاليابان والصين.
مدنية أوروبا هي التي حملتنا في البحر المتوسط من بيروت إلى الإسكندرية في ٣٢ ساعة