للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورودس ومالطة كان حظها كذلك يعرف أن العرب كانوا رجالاً في البحر كما هم رجال في البر وأنه لا سبيل إلى الأمن من الداخل إذا لم يحفظ الساحل بالجزائر والمواني والفرض ولطالما كانت الحكومات تمتلك الساحل فلا تلبث أن تبسط سلطانها على الداخل.

كان الأدارسة حكام تونس هم المتكلفين بغزو جزيرتي سردانيا وصقلية ففتحوا صقلية وكذلك ملوك جزائر الغرب أخذوا على عهدتهم غزو منورقة وميورقة فاستولوا عليهما وعامل العرب الايطاليين والاسبانيين بالحسنى على نحو ما يأمرهم به دينهم ولما رأى الايطاليون هذه المعاملة لم يشاؤوا أن يغيروا شيئاً من مصطلحاتهم حتى أن الملك رجار الذي عاد فاستولى على صقلية سنة ٤٨٥ كان يتكلم بالعربية وهو الذي أفضل كثيراً على الشريف الإدريسي الجغرافي الذي وضع كرة أرضية بالفضة كانت من أعاجيب القرون الوسطى دهشت لها أجيال الإفرنج كلهم كما دهشوا للساعة الدقاقة التي أهداها أمير المؤمنين الرشيد إلى شارلمان ملك فرنسا.

قال الإدريسي في رجار هو الملك المعظم رجار المعتز بالله المقتدر بقدرته ملك صقلية وايطالية وانكبرود وقلورية أمام رومية الناصر للملة الناصرية إذ هو خير من ملك الروم بسطاً وقبضاً.

ولقد كان أهل الشرق على صعوبة ركوب البحر في أيامهم يرحلون إلى بلاد ايطاليا كما يرحلون إلى الأندلس فيكتبون عليها في رحلاتهم ما تقع عليه أنظارهم وممن زار ايطاليا الجغرافي ابن حوقل فقد قال أن مدينة ملف ويقال لها الآن ملفي تتصل بأرض نابل وهي مدينة صالحة بحال دون ملف في كثير من الأحوال وأكثر أموال نابل من الكتان وثياب الكتان وقال أنه رأى بها ثياباً لم ير في سائر أقطار الأرض لها شبيهاً ولا يستطيعها صانع في جميع طرز الأرض وهو ثوب يعمل مائة ذراع في خمسة عشر ويباع الثوب منها بمائة وخمسين رباعي وزائد وناقص.

ووصف ابن حوقل صقلية فقال أن طولها سبعة أيام في أربعة أيام والغالب عليها الجبال والقلاع والحصون وجميع أرضها مسكونة مزروعة وليس لها مدينة مشهورة معروفة غير المدينة المعروفة ببلرم وهي قصبة صقلية على نحو البحر من الشمال وهي خمس جادات محدودة غير متباينة ببعيد مسافة وإن كانت حدودها ظاهرة فمنها المدينة الكبرى التي تسمى