بلرم عليها سور من حجارة مانع شامخ يسكنها التجار وفيها مسجد الجامع الأكبر وكان بيعة للروم وفيه هيكل عظيم ومدينة تعرف بالخالصة ذات سور أيضاً من حجارة وليس كالسور الأول يسكنها السلطان وأتباعه وفيها دار صناعة البحر والديوان وبعد أن وصف أسواقها وباعتها واستطرد إلى كثرة مساجدها وقال أن فيها نيفاً وثلاثمائة مسجد وفي قرية البيضاء مائتا مسجد قال ولم أر مثل هذه العدة في بلد من البلدان الكبار على ضعف مساحتها ولا سمعت به وقد رأى على مقدار رمية السهم نحو عشرة مساجد يدركها البصر ومنها شيء تجاه شيء وبينها طريق قال وسألت عن ذلك فقيل لي أن القوم لشدة انتفاخ رؤوسهم كان يحب كل واحد منهم أن يكون له مسجد مقصور عليه لا يحب أن يشركه فيه غير أهله وحاشيته وربما كان إخوان منهم متلاصقة دارهما متصافية الحيطان فعمل كل واحد منهما مسجداً لنفسه ليكون جلوسه فيه وحده وفي جملة هذه العشرة مساجد التي ذكرتها مسجد لولد وابنتاه ليتفقه فيه وغرض كل واحد منهم أن يقال مسجد قلان لا غير. قال وبها رباطات كثيرة على ساحل البحر مشحنة بالبطالين والفساق ووصف أبواب بلرمة التسعة وقال أن هذه المدينة مستطيلة ذات سوق قد أخذ من شرقيها إلى غربيها يعرف بالسماط مفروش بالحجارة عامر من أوله إلى آخره بضروب التجارة.
ووصف الشريف الإدريسي جزيرة سردانية فقال أنها كبيرة القطر مثيرة الجبال قليلة المياه وطولها مائتان وثمانون ميلاً وعرضها من المغرب إلى المشرق مائة وثمانون ميلاً وطولها ماراً من الجنوب إلى الشمال مع قليل تشريق وفيها ثلاث مدن منها الفطينة وهي مما يلي في جنوبها وهي مدينة عامرة ممدنة ومنها مدينة قالمرة وهي رأس المجاز إلى جزيرة قرسقة ومدينتها الثالثة تسمى قشتالة وأهل جزيرة سردانية في الأصل روم أفارقة متبربرون متوحشون من أجناس الروم وهم أهل نجدة وحرم لا يفارقون السلاح وفي جزيرة سردانية معادن الفضة الجيدة ومنها تخرج الفضة إلى كثير من بلاد الروم وبين سردانية وجزيرة قرسقة مجاز طوله عشرون ميلاً.
ثم وصف جزيرة قرسقة وجزيرة البتة وبالوسة وقبريرة وقبرة وشكلة وبيت برة ومونسة وبونسة واسترنجلو وجزيرة البركان وليبر ودندمة وفيكوذة رركذة وأشتقة وجزيرة الراهب واليابسة وغيرها وقال في وصف مدينة بلرم: وبها حسن المباني التي سارت الركبان بنشر