محاسنها في بناتها ودقائق صناعتها وبدائع مخترعاتها وهي على قسمين قصر وربض فالقصر هو القصر القديم المشهور فخره في كل بلد وإقليم وهو في ذاته على ثلاثة اسمطة فالسماط الأول يشتمل على قصور منيفة ومنازل شامخة شريفة وكثير من الفنادق والحمامات وحوانيت التجار الكبار والسماطان الباقيان فيهما أيضاً قصور سامية ومباني فاخرة عالية.
وذكر القزويني في عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات مدينة رومية فقال أنها مدينة رياسة الروم وعلمهم وهي في شمال غربي القسطنطينية وبينهما مسيرة خمسين يوماً وهي في يد الفرنج ويقال لملكهم ملك المان وبها يسكن البابا الذي تطيعه الفرنج وهم عندهم بمنزلة الإمام الذي يكون واجب الطاعة ومدينة رومية من عجائب الدنيا لمعظم عمارتها وكثرة خلقها. ذكر الوليد بن مسلم الدمشقي أن استدارة رومية أربعون ميلاً في كل ميل منها باب مفتوح فمن دخل من الباب الأول يرى سوق البياطرة ثم يصعد درجاً فيرى سوق الصيارفة والبزازين وذكر أن بين يدي السوق سوق آخر على أعمدة نحاس كل عمود منها ثلثون ذرعاً وبين هذه الأعمدة نقير من نحاس في طوق السوق من أوله إلى آخره فيه لسان من البحر تجري فيه السفن فتجيء السفينة في هذه النقرة وفيه الأمتعة حتى تجتاز على السوق بين يدي التجار فتقف على تاجر فتختار منها ما تريد ثم ترجع إلى البحر.
وذكر أشياء عجيبة عن كنيستها وقال أن فيها عشرة آلاف دير للرجال والنساء وبها جامع لمن يلتمس صنوف العلم من الطب والنجوم والحكمة والهندسة وغير ذلك قالوا أنها مائة وعشرون موضعاً قال وقد مثل في الكنيسة صورة كل نبي من وقت آدم إلى عيسى عليه السلام وصورة مريم عليها السلام كأن الناظر إليهم يحسبهم إحياء وحكي أن أهل رومية يحلقون لحاهم ووسط هاماتهم فسآلو عن ذلك فقالوا لما جاؤوهم شمعون الصفى والحواريون دعوهم إلى النصرانية فكذبوهم وحلقوا لحاهم ورؤوسهم فلما ظهر لهم صدق قولهم ندموا على ما فعلوا وحلقوا لحى أنفسهم ورؤوسهم كفارة لذلك.
وممن رحل إلى ايطاليا جمال الدين محمد بن سالم بن واصل قاضي القضاة بحماة وكان إماما مبرزا للعلوم العقلية عارفا بالمنطق والهندسة والأصول والفقه والهيئة والتاريخ توفي سنة ٦٩٧ ذهب هذا رسولا إلى صاحب صقلية من قبل الملك الظاهر بيبرس الصالحي