وذكر انه أقام عنه وفي مدينة من مدائن البر الطويل المتصل بالأندلس من مدينة انبوليا واجتمع به مرارا ووجده متميزا ومحبا للعلوم العقلية يحفظ عشر مقالات من كتاب إقليدس قال وبالقرب من البلد الذي كنت فيه مدينة تسمى لو حارة أهلها كلهم مسلمون من أهل جزيرة صقلية يقام فيها الجمعة ويعلن بشعار الإسلام.
وفي هذا القرن كان الايطاليون هم رجال التجارة والأساطيل في البحر المتوسط وكانت لسكان بيزاوهم من إقليم توسكانيا تجارات واسعة في الشام وقال ياقوت أن السعة ظاهرة عليهم وجمهوريات بيزا وجنوا والبندقية هي أكثر البلاد الايطالية في القديم والحديث ولما كان الطليان يأتون بلاد مصر والشام وسواحل البحر المتوسط منتجعين للزق والاتجار كانت بقية أمم أوروبة غائصة في مفاوز الجهالة.
نشر المستشرق ميشيل أماري في مدينة فلورنسا الشروط والعقود السياسية بين ملوك بيشة (بيزه) وفورنتا (فلورنسا) أو فلورنسا وبين ملوك المسلمين في تونس والغرب الأقصى ومنها عقد من الملك قايتباي للفلورنتيين ذكر في شروط البنادقة ان تجار المسلمين يبتاعون من تجار البنادقة أصنافاً من متاجرهم من جوخ وصوف وغير ذلك وآخر هذه العقود سنة عشر وتسعمائة هجرية وأولها في منتصف القرن السادس.
وهكذا عاد العرب فاستخلصوا بلادهم من الطليان فكان الاختلاط على اتمه بين الأمتين ولاسيما عندما تضع الحرب أو زارها وكثيرا ما كان رسل ملوك الإسلام يأتون ايطاليا فقد ذكروا أن ابن خلدون المؤرخ جاءها رسولا من قبل صاحب تونس وصورة الطليان إذ ذاك على الحجر وجاءها في القرن الحادي عشر الأمير فخر الدين المعني صاحب لبنان وأقام بها عدة سنين ملتجأ ووصف عمرانها بالضخامة وتفنن أهلها في النقش والرسم والبناء.
ولا يتسع المجال هنا إلى ذكر كل من زاروا ايطاليا من العرب ومن زاروا من الطليان بلادنا إلى هذا العصر. ولقد كانت اللغة الايطالية في مصر والشام معروفة أكثر من الافرنسية والانكليزية إلى منتصف القرن الماضي ثم تراجعت وخلفتها هاتان اللغتان.
هذا وكان رجال الدين من كاثوليك الشرق يختلفون إلى رومية منذ القديم ويتعلمون لغتها ويدرسون الدين فيها وهم أكثر من أن يحصوا وفي مقدمتهم السمعاني اللبناني المشهور واللبنانيون الموارنة على ما يظهر أشد الكاثوليك رغبة في المهاجرة إلى رومية وتواريخ