من الأوضاع الضرورية وانتشر الإحساس العام من الخجل والقرف فاضطر إلى قطع المساكن الضيقة الرجسة والأزقة القذرة حيث كان يزدحم الشعب الفقير في المدن العظمى.
وللعامل بيده اليوم كثير من الأساليب المادية كما أن له كثيراً من أسباب التنعم والتربية العقلية وهو يبالغ بالعناية بهيئته كأهل الطبقة الوسطى عام ١٨١٤ ولذلك تيسر إدخاله إلى الحياة السياسية بدون أن ينشأ عن ذلك أثر من آثار التوحش الذي كان يظن وقوعه أرباب التجارب وكان يتراءى أنه حجة لا تغلب ضد التصويت العام.
وإن جزءاً مما حدث من السعة بواسطة الصناعة الحديثة قد استهلك وقسماً آخر نفع في الاقتصاد ومن الصعب أن يستدل بالأرقام على الوفر الذي تراكم منذ سنة ١٨١٤ حتى في مملكة واحدة وتقدير مستند إلى أي اعتبارات شخصية يختلف اختلافاً كثيراً.
ومن المحقق أنها تمثل رأس مال يبلغ على الأقل ضعف مبلغ رؤوس الأموال التي تركتها القرون الماضية. ومن هذا الرأس المال الجديد استخدم جزء لإحداث الآلات والأدوات الجديدة في الصناعة والتجارة فأنشئت المعامل والسكك الحديدية وإقراض الباقي للحكومات فاستخدمت في الحروب وفي التسليح خاصة ويمثلها واردات الدول. وهذا المجموع الضخم من رؤوس الأموال المجهزة قد غير الأسباب المالية في الحكومات فتهيأ بها زيادة الضرائب والميزانيات والديون على معدل كامل لا يسمح بمثله في سالف الأيام وسهل المباشرة بحرب بالنسبة على أن تتحمل نفقاتها الأجيال القادمة وهكذا زادت القوة الاقتصادية في الحكومة وعمل المجالس النيابية الموكل إليها إدارة هذه الميزانية الباهظة.
تحول الحياة الاقتصادية - أحدث إنشاء الثروة المنقولة انقلاباً في إدارة الحياة الاقتصادية في الشعوب الممدنة فكان العاملون في القديم قلما ينتجون غير ما يستهلكون أو يستهلك في السوق المحلي فالفلاحون يبيعون قليلاً ولا يبتاعون كبير أمر وأرباب الصناعات يعملون لزبن وطنيين فالصناعة بالجملة والتجارة في القاصية انحصرت في مصنوعات الزينة المصنوعة في بعض المعامل وفي نواتج المستعمرات المجلوبة من وراء البحر فانتهت الحال بالعاملين بل بالزراعيين في القرن التاسع عشر بما نشأ من الانقلاب الذي حدث أولاً في إنكلترا بين سنتي ١٧٨٩ - ١٨١٤ أن لا يعملوا مصنوعات لأنفسهم ولا لزبنهم المعروفين بل للسوق فقط لا للسوق المحلية بل للسوق العامة.