وانتشرت طريقة الشركات المغفلة من الاسم ذات الأسهم بسرعة غريبة واستخدمت في المشاريع الصناعية الكبرى على حين كان يزيد دخل الدول بنمو القروض السريع وهكذا أحدثت كميات ضخمة من الأوراق المالية جعلت قيد المضاربات وانتقلت إدارة المحاصيل إذ ذاك إلى سلطة جماعات المضاربين الذين يديرون سوق العالم ويحددون الأسعار ويستصنعون ما يشاؤون في المعامل ويعينون أسعار الأسهام وأوراق الحكومات فأصبحت بورصة التجارة ولا سيما بورصة الأوراق مركز لإدارة الحياة الاقتصادية في الأمم.
فمن ثم غيرت هذه القوة الجديدة في أسباب الحياة السياسية تغييراً محسوساً وتم لطبقة الأشراف الجديدة من أصحاب الغنى المنقول كالصيارف وكبار الصناع وكبار التجار ما أرادوه من جعل طبقة الأشراف القديمة أصحاب العقارات والأملاك في معزل فجعلت لها مركزاً في السياسة بأن وضعت نظام الأحزاب الحرة التي دخل فيها سواد الديمقراطيين من الأمة وغدت المشاريع الرابحة في الصناعة والمضاربات الكبرى منوطة مباشرة بالحكومات بما تسنه من قوانين الكمارك وتعقده من القروض وتمنحه من امتيازات في الأعمال وللصحافة يد طولى في ذلك بالعرض بفضل ما تنشره من الفصول. فالطبقة العالية من الماليين قد عملت والحالة هذه على أن تجعل تحت جناحها الحكومة والمجالس والجرائد. أما كيفية الطرق التي بها نجحت في الممالك الأوربية المختلفة فهو من التواريخ التي لم تبرح غامضة فلم أحاول سردها بيد أن قوة المضاربة على إدارة سياسة الممالك كانت ولا جرم إحدى صفات الحياة السياسية في القرن التاسع عشر.