نسي الصربيون واليونان والبلغار ما كان بينهم من الأحقاد القديمة التي يرد عهدها إلى الدولة البيزنطية ولطالما كان يلقى الشقاق بينهم وكذلك تفعل النمسا مخافة أن تتحد كلمتهم علينا ومن لا يذكر أن البلغاريين والصربيين تقاتلوا قتالا شديدا سنة ١٨٨٥ وأن الأحقاد والثارات كانت دائمة متبادلة بين البلغار واليونان في مكدونيا والاختلاف بين الصرب والجبل الأسود كل يوم في شأن ولطالما كان البلغاريون والصربيون على الحياد عندما يحارب العثمانيون اليونانيون. من يذكر هذا يستعظم تحالفهم الذي تم على يد فرديناند ملك بلغاريا وباشيش وزير الصرب وفنزيلوس وزير اليونانية وكانت بلغاريا منذ سنة١٩٠٧ والصرب منذ سنة١٩٠٨ عام ضمت النمسا ولايتي البوسنة والهرسك نهائيا إلى ملكها واليونان منذ سنة١٩٠٩ تبالغ في ابتياع الأسلحة والبارود والذخائر مبالغة لم تعهد.
بينا كان البلقانيون يعدون كل ذلك كانت الحكومة العثمانية مستغرقة بالفتن الداخلية كاليمن وألبانيا وحوران والكرك أولا ومسألة طرابلس الغرب مؤخرا وضباط الجيش إلا قليلا يتركون تمرين الأجناد ويصرفون أوقاتهم في الأندية السياسية فصادف أن الطابور المؤلف من ثمانمائة جندي ليس فيه أكثر من خمسة ضباط يقضون أكثر أوقاتهم في غير وظائفهم على حين كان فيه قبل أن تجري الحكومة تقاعد كثير من قدماء ضباط الجيش نحو ثمانية عشر ضابطا مدربا في الجملة ومن أسباب الفشل قلة الطعام والبرد القارس وبعد البلاد عنا وانقطاع مواصلاتها باستيلاء العدو على الخطوط الحديدية وأهم المراكز الحصينة كما صرح بذلك أحد كبار رجال الجندية في الدولة والسبب الرئيسي في الحقيقة وأن جنديا في الغالب لا يعرف السبب الذي يقاتل من أجله والجند الصربي والبلغاري واليوناني والجبلي متعلم مستنير بفهم معنى الوطنية في الجملة ومن لم يفهمها منهم يأتيه رجال الدين فيلقون في روعه ذروا من الحماسة الدينية فيستميت في القتال.
نعم كان لدعاة الدين في تراكيا ومكدونية يد طولى في بث الدعوة السياسية كما أن كهنة الطليان بثوا دعوتهم في بعض الولايات المتاخمة لبلادهم من بلاد الأرناؤد وسعى مثل هذا السعي البلغار والصرب فجاءوا من طريق التعليم كما هي عادة الفاتحين من الغربيين اليوم يرسلون المعلمين مبشرين ومنذرين أولا ثم يبعثون بالبعوث ويكتبون الكتائب. وكان لاستقلال بطريرك اليونان عن بطريرك القسطنطينية وبطريرك البلغار عنه أيضا دخل