كبير في نشر كلمة الاختلاف وتقوية البغض للدولة العلية ولذا كانت حالة المسلمين في بلاد رومانيا والبوسنة والهرسك أقرب إلى الراحة منها في بلاد البلغار واليونان والصرب الذين ينام أهلها ويستيقظون في كراهة العثمانيين منذ القديم.
صرفت الدولة نحو خمسين سنة في فتح الروم ايلي وحكمته نحو خمسمائة سنة ومع هذا لم توفق في نشراتها ولا دينها على ما يجب وظل الألباني على ألبانيته والبوشناقي على بوشناقيته والبلغاري على بلغاريته والصربي على صربيته واليوناني على يونانيته والروماني على رومانيته وكل شعب يعتصم في جباله وقيعانه وينازع الحكومة السلطة وهذا هو عين الغلط في الاستيلاء على بلاد والاكتفاء منها بالخضوع الظاهري وعدم السعي في تمدينها وتعليمها التعليم النافع ولطالما كانت بلاد البلقان ميدانا للقتل والقتال تباع فيها الأرواح كما تباع السماح وأن سهل قوصوة على حدود بلغاريا والصرب والبوسنة ليجأر إلى السماء شاكيا من الدماء التي طالت فيه مرتين بين العثمانيين والبلقانيين ولطالما كانت أسوار بلغراد وفينا واقية لأواسط قارة أوربا من هجمات المهاجمين من العثمانيين.
نشبت الحرب بين الجيوش العثمانية وجيوش الحكومات المتحالفة في ١٧ تشرين الأول ١٩١٢ وعقد الصلح في ٢٩ أيلول ١٩١٣ وهلك في الوقائع من الطرفين عشرات الألوف وأنفقوا من الأموال مئات الألوف من الدنانير وقدر بعض الإحصائيين أن ما خسرته العثمانية من جيشها يبلغ نحو مئة ألف بين قتيل وجريح وأنفقت ثمن ذخائر ومعدات وغيرها نحو ثمانين مليون جنيه وأن بلغاريا فقدت م جيشها ١٤٠ ألف بين قتيل وجريح و٩٠ مليون من الجنيهات والصرب٧٠ ألفا من النفوس و٥٠ مليونا من الجنيهات واليونان٣٠ ألفا و٢٥ مليونا والجبل الأسود ثمانية آلاف نفس ومليون جنيه ولا يدخل في هذا الإحصاء ما فقده السكان في البلاد التي كانت ميدان الوغى حولا من الزمن وقد قام البلغار بفظائع مع أهل تركيا ومكدونية من المسلمين واليونان اشمأزت منها الإنسانية والمدنية وذلك عندما تراجعت صفوفها يوم أرادت عقيب النجاح الباهر الذي صادفته في الحرب الأولى عندما كانت تحارب العثمانيين من جهة ويحاربهم من أخرى اليونان والصرب والجبل الأسود ولما طمعت في الاستئثار بالغنيمة أو بأطايبها عادت حليفاتها فأنفقت عليها مع رومانيا واصلتها حربا عوانا سلبتها به قسما من البلاد التي كانت كانت