للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشهرته التي نالها في العالم الإسلامي في هذه السن من الكهولة هي مما استحقه أو أقل مما يستحقه لأنه حقيقة العالم العامل الذي يحبب الدين حتى لمن لم يتدين حياته فاللهم عوض المسلمين عن هذه الدرة اليتيمة التي أصيبوا بها وارحمه عداد حسناته وارزقنا الصبر عليه وجميع أسرته وأحبابه الذين فجعوا به.

قال صديقنا جرجي أفندي الحداد في رثاء الإمام فقيد الشام والإسلام:

أجمل عزاءك فالمصاب جليل ... والدمع في خطب الإمام قليل

جل الأسى يا قوم فاصطبروا له ... صبر العظام على العظيم جميل

قد كنت أول من يزيل دموعه ... لو كان يشفى بالبكاء غليل

جزعت دمشق وقد رأت علم الهدى ... يلوي به عادي الردى فيميل

وإلى ظلام القبر يحمل نعشه ... والفضل في أعواده محمول

واستشعرت أرض العراق كآبة ... والهند خامرها الأسى والنيل

وبكى أفاضلها على رجل قضى ... في أمة فيها الرجال قليل

ومجاهر بالحق ليس يصده ... قال تردده الوشاة وقيل

أين التقية من صراحة صادق ... لا الجور يرهبه ولا التنكيل

هو للحقيقة نثرة محبوكة ... وعلى الضلالة صارم مسلول

لولا مجاهرة الهداة بهديهم ... في الناس ما نفع الأنام رسول

أودى القضاء بعالم ومحدث ... يستأثر الألباب حين يقول

بين المحابر والمنابر يومه ... يفنى ويحيي ليله التحصيل

ملكت قلوب الناس منه شمائل ... رقت فتحسب أنهن شمول

وإذا جلست إليه أسفر وجهه ... وبدت عليه بشاشة وقبول

وجه يصون عن التبذل ماءه ... فيكاد من فرط الحياء يسيل

عن الفضيلة بالإمام وآسها ... فشجونها من بعده ستطول

وافى يشيد صرحها وربوعها ... لعب الفساد بهن فهي طلول

وتصدرت للعلم غير رجاله ... فاعتز غر واستطال جهول

قد حكموا أوهامهم وتحكموا ... فالعقل في ربقاتها مكبول