بعد أن كان يزيفون أقواله في مجامعهم الخاصة والعامة يتبعون أقواله المدعومة بالسنة الصحيحة ومذاهب الأئمة.
وأكبر دليل على ذلك ما شهدناه يوم مشهده الأخير من إجماع من كانوا خصومه أمس على أعظام الخطب فيه والإقرار له بفضائل كانوا يغمطونه إياها ولكن المعاصرة حرمان.
رأيت رجالا كثيرين من أهل الإسلام وغيرهم وفي مصر والشام خاصة أر همة تفوق همة صديقي الراحل ولا نفسا طويلا على العمل ودؤوباً عليه أكثر منه ولا غراما بالإفادة والاستفادة ولا حبا بالعلم للعلم فقد قضى عن٤٩ عاما وخلف ما خلف من عشرات من مصنفاته الدينية العصرية النافعة منها تفسيره الذي لم يطبع ومنها مقالاته الممتعة وأبحاثه المستوفاة وأثر في عقول كثير من الطلبة تخرجوا به وأخذوا أحكام الحلال والحرام عنه دع دروس وعظة للعامة وحلقات خاصته ومع كل هذا كان حتى الرمق الأخير أشبه بطالب يريد أن يجوز الامتحان لنيل شهادة العالمية. وكلما كان يوغل في طلب المزيد من العلم والتحقيق تراه آسفا على عدم إشباع أبحاثه حقها أحيانا من النظر البليغ.
رزق الصديق العلامة صفات إذا جمع بعضها لغيره عد قريع دهره ووحيد عصره فقد كان طلق اللسان طلق المحيا وافر المادة وافر العقل سريع الخاطر سريع الكتابة جميل اعهد جميل الود. وكان بلا جدال جمال الدين والدنيا ما اجتمع به أحد إلا وتمنى لو طال بحديثه استمتاعه ليزيد من الأخذ عنه والتشبع بفضائله والاغتراف من بحر علمه.
وبينا كنت ترى الأستاذ على قدم السلف الصالح عالما كبيرا بين الفقهاء والأصوليين والمحدثين والمفسرين إذا هو من الأفراد المختصين بالأدب وما يتعلق به وبينا تراه يؤلف ويطبع إذا بك تراه يواظب على تدريس طلبته ووعظ المستمعين في دروسه وخطبه ومع كل هذه الأعمال التي يكون منها انقباض في صدر العامل تراه يهش ويبش كل ساعة ويفسح من وقته شطرا ليغشى مجلسه أولياؤه وأخلاؤه وطلاب الفوائد منه.
فهو علامة بين العلماء منور ممدن بين المنورين بنور المدنية الصحيحة ذهب مثال الرجل الصالح عفيف الطعمة لم يسف إلى ما يسف إليه بعض من يتذوقون قليلا من المعارف وما أنكر إلا المنكر ولا أمر إلا بالمعروف ومن ضيق ذات يده كان يتصدق في السر ولا يخلو ساعة من عبادة وذكر وما فقده جلل على دمشق بل على الشام بل على أهل الإسلام