للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأبي الفرج الأصفهاني مملوء بأخبار أهل هذه الطبقة.

حكا صاحب اليتيمة انه كان في جملة القضاة الذين ينادمون الوزير المهلبي ويجتمعون عنده في الأسبوع ليلتين على التبسط في القصف واللهو ابن قريعة وابن معروف والقاضي التنوخي وغيرهم وما منهم إلا أبيض الحية طويلها وكذلك كان الوزير المهلبي. فإذا تكامل الأنس وطاب المجلس ولذ السماع واخذ الطرب منهم مأخذه وضع في يد كل واحد منهم كاس ذهب من ألف مثقال إلى ما دونها مملوءاً شرابا قطربلياً أو عكبرياً فيغمس لحيته فيه بل ينقعها حتى تتشرب أكثره ويرش بها بعضهم غلى بعض ويرقصون اجمعهم (كذا) وعليهم المصبغات ومخانق البرم والمنثور ويقولون كلما يكثر شربهم هرهر (والهر هر صوت جري الماء).

قال: فإذا أصلحوا عادوا لعادتهم في الرمث والوقر والتحفظ بأبهة القضاة وحشمة المشايخ الكبراء. والرمث في اللغة الإصلاح والمسح باليد أي ما يعرف اليوم بالتولت وهذه القصة وان كان فيها نظر لما فيها من التبذل المذموم فإنها تدل على شيء من الدعابة والظرف.

وبعد فان أسفار امتنا طافحة بأحاديث المترفين وأرباب القصف واللهو والإنشاد مما ينم عن ذوقهم ومدينتهم وتفننهم في مذاهب اللذائذ المشروعة في الغالب وتقلبهم في أعطاف الدعة والأنس وحسن العشرة وجمال العهد واختلاف كل قوم إلى أندية القوم الأخر. روى الصابئ في تاريخ الوزراء قال حدث أبو القاسم الزنجي قال: رسم أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات في وزارته الثانية أن يدعى أبو الحسن موسى بن خلف وأبو علي محمد بن علي بن مقلة وأبو الطيب محمد بن احمد الكلوذاني وأبو عبد الله محمد بن صالح وأبو عبد الله والدي وأبو بشر عبد الله بن الفرخان النصراني وأبو الحسن سعيد بن إبراهيم التستري النصراني وأبو منصور عبد الله بن جبير النصراني وأبو عمرو سعيد بن الفرخان النصراني في كل يوم إلى إطعامه فكانوا يحضرون مجلسه في وقته ويقعدون من جانبيه وبين يديه ويقدم كل واحد منهم طبق فيه أصناف الفاكهة الموجودة في الوقت من خير شيء ثم يجعل في الوسط طبق كبير يشتمل على جميع الأصناف طبق فيه سكين يقطع بها صاحبه ما يحتاج إلى قطعه من سفرجل وخوخ وكمثرى ومعه طست زجاج يرمي فيه الثفل فإذا بلغوا من ذلك حاجتهم واستوفوا كفايتهم شيلت الأطباق وقدمت الطست والأباريق