للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعلي أن اذكر هنا اسمي بلوتارك ودانتي وهما أول من تلمس نفس المرأة من طغمة الشعراء والمفكرين. لقد جعلا لقصائدهما عرائس شعر تتجلى فيهن ملكات الجمال الأدبي: وهما اللذان ترنما للمرة الأولى بذكر المرأة ذات النفس السامية والذكاء الوقاد ومقدمة عثرات الجنس القوي. من منا لا يعرف لورا وبياتريس؟ إن هذين الاسمين لا يفترقان عن اسمي بلوتارك ودانتي وسيكونان أبداً المثل الجميل الذي مر في مخيلة دانتي فصوره في شعره الساحر قد اخترق ظلمات القرون الوسطى كبرق ساطع ثم جاء كبير شعراء العالم شكسبير فجعل أبطال أكثر رواياته من النساء الجميلات ذوات النفوس الكبيرة تتلامس في قلوبهن بلطف يشبه تموجات النور في الهواء أقوى وأعذب شعائر المحبة بأسمى وأوجع عواطف التضحية وكذلك كانت النساء في روايات كورنايل وكلكم ذاكر بلا ريب بولين وكاميل وشيمان. . . ألا تذكرون؟

لم يكن مفكري القرون الوسطى من رأي شكسبير وكورنايل بل كان معظمهم مبغضاً للمرأة ساخراً بها لم يكن طاعناً فيها. ولقد اختصر بوسيه أسقف مو وأفكار معاصريه وأوردها في جملة واحدة. قال بجديته الحبرية المشهورة: المرأة خلقت من ضلع زائد في جنب الرجل فلهذا السبب هي عقيمة لا ذكاء في عقلها ولا إدراك في نفسها. رحمة الله عليك يا بوسيه! انك لم تكن نبيهاً! أما كون المرأة مخلوقة من ضلع الرجل فهذا أمر لا رأي لي فيه - غير أني أفضل أن تكون مخلوقة من عصير قلبه وعواطفه بدلاً من أن تكون - كوتلياً - مصورة! وأما كون الضلع زائدة فهذه مسالة فيها نظر وعلى كل حال فاني لا اخذ على نفسي إثبات هذه الحقيقة التشريحية. . . أو اللاتشريحية.

أيها السادة! لننس هذه الأقوال العتيقة ولننظر إلى أحوال الحاضر. إن النهضة النسائية تمتد يوميا في أقاصي المسكون. إنها لنهضة عجيبة تبشر بخير عظيم وتنبئ بان مدينة الأمس العرجاء التي لم تتكئ إلا على ذراع جنس من الجنسين هي غير مدينة الغد الممتعة بتحقيق أجمل الأماني الجائلة في قلب الإنسان. ليست مدينة الغد مدينة الرجل وحده بل هي مدينة الإنسانية لان المرأة آخذة بالصعود إلى مركزها الحقيقي بقرب الرجل. إن موجة النور نور الارتقاء النسائي تزداد ارتفاعاً واتساعاً مع الأيام. في فرنسا وانكلترا وأميركا وألمانيا وايطاليا تجاهد المرأة جهاد الأبطال في سبيل ترقية جنسها وترقية النوع البشري معها.