ايطاليا ١٧٩٦ كانت حالة الأفكار في فرنسا مخالفة كل المخالفة لحالتها في ايطاليا ففي الأولى مضاء واعتماد على النفس وفي الثانية ضعف وخضوع ولذلك كان الأمراء يهزمون من وجه الجيوش الفرنسية على صورة بشعة بل ربما ركبوا عار الفرار قبل أن تحتل بلادهم فلما استحكمت سلطة لفرنسيس في ايطاليا قلبوا كثيرا من أوضاعها باسم الحرية ووضعوا لها القانون الفرنسي لايطاليا في أوائل القرن التاسع عشر قد نبهها من ثباتها العميق وحدا بها أن تعقد مع سائر أوروبا الممدنة علائق ولم يفهم العامة من الطليان ما يراد بهم فكانوا يساقون كالأنعام ولكن الطبقة المستنيرة ورجال الإعمال بعثت هممها حالة لفرنسيس فأخذت تدرك أماكن إعادة الوطن وتأليف شمله المبدد وتبحث عن الطرق لتحقيق هذه الأمنية فلم تمض على ذلك خمسون سنة حتى أثمر جهاد أرباب الأفكار تأليف الوحدة الايطالية الحديثة. وحدة قوامها المساواة أمام القانون ومنح الحرية السياسية.
عاد رجال السياسة في مؤتمر فينا خريطة أوربا إلى ما كانت عليه قبل سنة ١٧٨٩ وعاد الباباوات والملوك والدوجات والأمراء إلى سابق أمجادهم تحميهم الحراب الأجنبية ولكن استحال الرجوع إلى الحالة الأصلية لان رجال الشعور الخارق للعادة ومن تؤهلهم الجاذبية العقلية الشديدة إلى أن يتحرروا من الوراثة والمحيط قد عدلوا في وجهة الأفكار وجددوا ميدان أعمالهم فكان الشعراء وأساتذة الكليات والقس والإشراف المتعلمون في مقدمة مكن تبدلت عقولهم بتأثير الحوادث وما تم لفرنسا من المجد قد افهمهم معنى الجمال الذي ينطوي في مدارج القوة. وتراجع الإيمان بالحق الإلهي وعادت الفلسفة فتأثرت بتأثيرات المجددين وضربت معتقد الكنيسة الرومانية ضربة قاسية وتحمس الأذكياء وأرباب القلوب لفكرة أن وطنهم سيستعيد بهائه ويعود عظيم جميل فاخذوا يعملون بمضاء وحماسة تدعوا كل من اطلع على أعمالهم أن يحترمهم ويمجدهم.
وكثر تجدد الطبقات من الشعراء أخذت على عاتقها أن تنبه بلسان الشعار والحانة الرخيمة شعبا متناغما منذ قرون فتناول الشاعر جيو ستي صوت الهباء الذي سقط من يد باريني واخذ يضرب به وتحمس الشعراء بلاليكو ومانزوني ونيكوليني حماسة الفيري المفجعة. وساعدت قصائد فوسكولو واغاني برشت الوطنية على هذا النشور.
بيد أن الدعوة الأدبية لا تستطيع أن تعمل إلا في الأفكار المستنيرة وادلو قليلا فاخذ