وقانونا من خرج عنه ضل واهتدى ويجد نشاط الإفراد على أتمه ليس له ما يعوقه من سلطة جائرة وقانون غير معقول فالشقي يشقى بصنعه والسعيد يسعد كذلك ولكن السعادة أوفر مما يناقضها بدرجات السرور تقراه في الوجوه والبسطة في الغنى والرفاهية تشهده على الأكثر في سكان الأقاليم الوسطى والشمالية ولكل صقع من الأصقاع خاصية لا يكاد يشركه فيها الصقع الأخر فهذا اشتهر بعاداته وأثاره وذاك بحدائقه وأنهاره وهذا بتجارته وذاك بصناعته وأخر بزراعته وغيره بسكونه وأخر بحركته وتكاد ترى المواهب مقسمة بين البلاد. فلفرنسا مدينة الزهور وعاصمة طوسقانا وأثينا القرون الوسطى ومسقط رأس دانتي وتبرراك وبوكاس وغاليلة ومايكل أنجلو وليوناردو دافنشي وغيرهم من نوابغ الطليان في الشعر والموسيقى والنقش والتصوير والهندسة والعلم من المزايا ما ليس لرومية وذلك لأسباب تاريخية واجتماعية كثيرة فان جمهوريات طوصقنا بينما كانت في القرون الوسطى تحسن الاندفاع من جميع العناصر الحيوية في الشعب كانت رومية تمحل بما قام فيها مكن المنازعات من الأسر الكبرى والذهاب في الدجالات المذهبية مذاهب. ولذلك كان المجد كله لمدينة فلورنسا التي هي اليوم إحدى الولايات الإيطالية.
هذا شأن المدن الداخلية وكذلك الحال في المدن الساحلية فإنك تجد مثلا للبندقية من المزايا مالا تجده لجنوى ونابل كلها مما يستجدي الغريب ويستهويه لنزول هذه الديار ودرس آثارها الكثيرة بل التي لا تدخل في عد لكثرتها وقد اتخذ ت الحكومة الجديدة أنواع الراحة لجلب سياح الأرض لغشيان بلادها وفي ذلك من الفوائد المادية ما لا يقدر فلو انقطع سياح الغرب سنتين عن زيارة إيطاليا لأحست بفقر شديد وذلك لما يبزره أولائك السياح من الأوائل في جميع فروع الإنفاق. ولها أمثال في تاريخ إيطاليا وقد نشأ حين إذ وقوف تجارها عن طريق البر التي كانت تعمل الجمهوريات حتى إذا قام الإصلاح الديني في أوروبا وفصل جزء عظيم في هذه القارة عن البابوية كل ما كان يرد مدة زمن طويل إلى إيطاليا من الأموال بالطبيعة فافتقرت.
إن كل كنيسة من كنائس إيطاليا حرة بأن يقصدها السائح للفرجة من القاصية وقد وقع ألي من الدهشة عندما رأيت كنيسة الدوم في فلورنسا مثلما وقع لي من الدهشة عندما زرت كنيسة القديس بطرس في روميا مقر البابوية وهوى أفئدة البابويين في الأرض ولكل مكان