المسافة البعيدة والثاني ماله اهتداء ويعرف بالحمام الهدي وهو المراد هنا وقد اعتنى الناس بشأنه في القديم والحديث واهتم بأمره الخلفاء كالمهدي ثالث خلفاء بني العباس والواثق والناصر وتنافس فيه رؤساء الناس بالعراق لا سيما البصرة فقد ذكر صاحب الروض المعطار أنهم تنافسوا في اقتنائه ولهجوا بذكره وبالغوا في أثمانه حتى بلغ ثمن الفارة منه سبعمائة دينار ويقال انه بلغ ثمن طائر منها جاء من خليج القسطنطينية ألف دينار وكانت تباع بيضة الطائر المشهور بالفراهة بعشرين دينار وانه كان عندهم دفاتر بأنساب الحمام كأنساب العرب وانه كان ليمتنع الرجل الجليل ولا الفقيه ولا العدل من اتخاذ الحمام والمنافسة فيه والأخبار عنها والوصف لأثرها والنعت لمشهورها حتى وجه أهل البصرة إلى بكار بن كتيبة البكراني قاضي مصر وكان في فضله وعقله ودينه وورعه ما لم يكن عليه قاض بحمامات له ثقات وكتبوا إليه يسألونه أن يتولى إرسالها بنفسه وكان الحمام عندهم متجرا من المتاجر لا يرون بذلك باسا.
ويطول بنا الكلام إذا أردنا إن نقتبس فصولا من الكتاب لبيان مزيته بين الأسفار الرائقة وقد دل تجويد المؤلف لتأليفه على مبلغه من العلم ووفرة ما كان لديه من كتب الأمهات فأوائل القرن التاسع للهجرة في زمن نسميه دور الفتور ولكن مصر لم تخل في عامة أدوارها بؤسها كأيام نعيمها من إجلاء حكماء تنبتهم تربة النيل وقد لا يشتهرون إلا بعد مماتهم لاتساع القطر والحدس المأثور عن بعض العلماء أحدهم للآخر ولكن العالم الحقيقي تظهر حسناته ولو بعد قرون وكم من مؤلف مثل القلقشندى رزق الحظوة في جميع ما كتب كما وقع المقريزي وياقوت والجاحظ والغزالي والماوردي وابن كتيبة والراغب والمجيدون في توليفهم من المتأخرين قلائل على كل حال بقي أن نسدي أطيب الثناء على عمدة دار الكتب الخديوية لتعهدها العلم الحين بعد الآخر بإحياء مثل هذه المصنفات التي قد يغني الكتاب منها عنه. خزانة كتب ويفيد في بث العلم في الدانية والقاصية ما لا تقوم به الخطب والمحاضرات والمقالات المقصورة على زمان معين وفئة معينة من الأرض ونخص بالشكر مديرها ووكيلها وقد أحسن الطابعون بجعل فواصل بين الفصول والأبواب وإنهاء السطر حيث تنتهي الجملة أو القطعة ووضع أدوات الفصل الجديدة المعروفة في اللغات الإفرنجية وإن كان أداة التعجب لم تجعل بعض الأحيان في أماكنها أما أغلاط الطبع فنادر