الصفات الوراثية فللأمهات القرويات إن يقبلن أيضا شكر الجيل الحاضر علينا إن نعترف علنا ومن غير تردد بما للأمهات من المكانة العظمى من حيث توريث البنين والقيام على تربيتهم الأولى وأمامنا المثل الحسي أن والدة فتحي باشا ينسب إليها الفضل الأكبر في أن أخرجت لمصر نابغين نرجو له العمر الطويل ونابغة فقدناه إسفين فقدناه ونقدم اليوم للتاريخ منه صورة هي أقوم صور نوابغنا حجة لحسن الاستعداد وعلو الكفاءة العلمية والعملية جميعا.
قال: أن فتحي باشا كان رجل ارتقاء لا رجل ثورة - أنه كان يكره الثورة - بعد سن الرجولة بالضرورة يكرهها بكل مظاهرها حتى الفكرية منها فكما انه كان يرى إن الخير القوانين ليس هو القانون الحسن في ذاته ولكنه القانون الذي يحتمل الشعب تطبيقه كذلك كان يرى إن خير المبادئ الاجتماعية والسياسية هو ما كان بينه وبين طبائع الشعب وعاداته نسب تكمل ما فيها من اعوجاج. ويكتب ينالا يكاد يفارقه حتى يناديه الصبح من كثب لا ملل ولا سأم، تلك لذته ربها غرامه لا يزيده عذل العاذلين فيها إلا ولوعاً وربما أدرك سماره الإكلال وتشابهت عليهم وجوه الكلام وهو حديد الذهن كبير النفس ماضي العزيمة. ولم يكن سمره ولا عمله إلا فيما يرضي ضميره من كتاب يؤلف أو يترجم أو عمل صالح يقدم للجمهور من أمته. وقد ظهر لنا علو كعبه في حب الخير بما قام به في شأن الأزهر المعمور تلك المدرسة العظيمة التي بصلاحها يصلح عالم كبير من هذه الأمة إلى أن قال: ثم وضع بعد ذلك مشروع القانون الأخير ونماذج التعليم في العلوم المختلفة وقد كان عند وضعه واسع الأمل يريد للأزهر أن يكون فوق هامة المدارس وأن تكون مصر به فوق هامة البلاد الإسلامية كافة كما كان لها ذلك فيما مضى من الأزمان. وقد حاز هذا التقرير قبولاً لدى الجناب العالي الخديوي فصدر أمره الكريم أن يجري العمل به. ألف مجلس الأزهر الأعلى من ستة تعينهم وظائفهم ومن ثلاثة اختيروا الصلاح. أمر التعليم ومارس تشريع القوانين وتنفيذها وكان الفقيد أحد هؤلاء الثلاثة فسار في أمره سيرة رجل ينشد الإصلاح ويحث عليه فكنا نراه مهتماً بإنفاذ هذا القانون باذلاً جهده في علو شأن الأزهر والأزهريين كما يبذل الرجل جهده في تثقيف ولده وتقويم أوده يحب العامل ويثني عليه ويكره الكسول وينفر منه، يسوس النافر ويستجلب الشارد حتى لان له الأبي ورضي