قوانين المحاكم الشرعية التي يدعم عليها نظامها الحالي ولولا همته التي لا يعتريها الإكلال لما كانت الآن تلك المحاكم إلا كما كانت عليه قبل نظامها الحالي وكذلك كانت له اليد البيضاء والفضل الأول في النظام الحالي للمعاهد الدينية فان الجناب العالي لما توجهت أنظاره الكريمة إلى إصلاح تلك المعاهد عهد في وضع نظام جديد لها إلى لجنة الفت تحت رئاسة الفقيد ومعه زميلي صدقي باشا ناظر الزراعة ومنى واني لأؤدي دينا علي وعلى زميلي باعترافي الآن على هذا الملأ بان فتحي باشا رحمه الله هو وحده صاحب الفضل في كل ما وضع من النظامان الجارية عليها الآن هذه المعاهد لم تنته تلك الأعمال الكثيرة والمشاغل الجمة وقد أضنت جسمه وأضعفت قوته عما عود عليه أمته من خدمتها بالتأليف والتعريب وكان عهدها نفث هذا القلم القادر البليغ هذا المصنف الجليل الذي وضعه في شرح القانون المدني.
حياة كلها جهاد وعمل لم يؤت فيها عقله وجسمه قسطهما من الراحة مدفوعا إلى ذلك بعوامل فطرته مغالبا نواميس الطبيعة.
وخطب احمد لطفي بك السيد قال: إن شدة الذكاء وقوة النفس وحسن الإخلاص تلك الصفات التي ظهرت أثارها على فتحي باشا منذ شبابه الغض راجع معظمها إلى التأثير الوراثي من أبوابه وعلى الأخص والدته التي أفاضت عليه من صفاتها بما يفيض الأصل على الفرع وبما تعهدت أمره في التربية الأولى وما غرست فيه من المبادئ الصالحة مما جعل لفتحي شخصية ممتازة منذ صباه.
لا يأخذكم العجب من قولي فان من أمهاتنا نحن القرويون من هن مع بساطة في المدارك العقلية وبعد عن المغلوب والمعارف على جانب عظيم من الذكاء الفطري ورفعة الأخلاق وعزة النفس وذوق الرفيع في الحكم وطيبة وتقوى في المعاملات ينقلن هذه الصفات لأبنائهن بحكم القانون الانتقال الوراثي فتكون لهم رأس مال في الحياة العملية ولولا هذه الصفات لهلك القرويون غير المتعلمين بما هم فيه من جهل عميق وما عانوا من استبداد طويل ولكن هذه الصفات الأولية قد قامت في نجاحهم مقام المعارف زمنا طويلا ولا يزال الاتكال عليها وحدها يؤدي إلى الآن نتائجه المتعارف في بلادنا فإذا جاءت العلوم والمعارف على هذه الصفات الأولية ظهر النبوغ قلة وكثرة تبعا لقوة الاستعداد أي لقوة تلك