مدارسهم الطربه. ومدارس المرسلين الأمريكان والانكليز والألمان والفرنسي والطليان والروس وغيرهم ما يؤهلهم إلى التجارة والصناعات الحرة في الجملة مثل الطب والهندسة والحقوق كان المسلمون تتلمظ شفاههم بحلواء التوظف والاعتماد على الأوقاف والرواتب جمدوا عليها فتأخروا في ثرواتهم وقل الهناء في بيوتهم وضعف مستوى العقول حتى أمسوا وكثيرون يغبطون السارق والمرتشي والمزور من الموظفين والمستخدمين ويعدون عمله مهارة وتوفيقاً لأنه اكتسب من الحرام مالاً وتأثر وارتاش وأضاع حقوقاً ليملأ كرشه وجيبه ومن الغريب في نظام هذا الاجتماع أن يحبس من يسرق ديناراً يأكل به وعياله خبزاً ولا يعاقب بل يمدح السارق الكبير الذي يعرق اللحم عن العظم ويخرب قرية أو بلدة برمتها ليشتري بما يسرق دكاناً أو بستاناً أو يعمر قصراً وداراً. نعم إن الدستور عرف الناس نقصهم وإن كانوا لم يبرحوا في معظم البلدان العربية في دور الأقوال ولكن القول بدرجة العمل كما أن الشك أول مراتب اليقين. ومن النعم العظمى إن يعرف الإنسان مجال الضعف منه ومن عرف نفسه عرف ربه. عرفوا نقصهم فأخذوا يفكرون في تعلم الصناعات الحرة التي قوامها الاعتماد على النفس والخروج عن قيود الاتكال إلى باحات الاستقلال وقد زاد الإقبال على ذلك في الشام والعراق خاصة لما أيقن الناس بأن خزانة الدولة تضيق على إعاشة كل طلاب الوظائف بعد أن انسلخت ليبيا ومقدونية وتركيا وألبانيا عن جسم المملكة العثمانية. لم تكن قبل هذا الدور تسمع بأن من المسلمين في مدارس الغرب طلاب هندسة وزراعة وحقوق وكيمياء وسياسة وفلسفة واليوم تجد منها عشرات من أبناء الشام والعراق خاصة وهذا العدد وإن كان قليلاً بالنسبة لكثرة سوادهم لكن الرجاء معقود بزيادته كلما سدت في وجوه الناس طرق الاستخدام في الوظائف واقتنع القوم بأن مذاهب المعاش في العالم ثلاثة الزراعة والصناعة والتجارة وأن الاستخدام ليس مذهباً طبيعياً من مذاهب المعاش التعليم العالي هو الذي يكون أمة ولا فائدة بتعلم أفراد هذا الضرب من التعليم إلا إذا عمت المعارف سواد العامة. وهذا أخذت تتكفل به المدارس الابتدائية والوسطى التي أنشئت مؤخراً مثل المدرستين العلمية والعثمانية في دمشق والكلية الإسلامية العثمانية ودار العلوم في بيروت والمدرسة التي أنشئت في صيدا وطرابلس وحلب وحيفا ويافا والقدس ونابلس وكلها قامت بهمم الأفراد من أهل الطبقة الوسطى