والأغنياء كانوا في الجملة بمعزل عن المعاونة ولو كان جمهور أرباب الأموال والأملاك متعلماً لقامت حتى الآن ألوف من المدارس والكتاتيب في الولايات العربية لا تزال تشتد حاجة البلاد إليها ولاسيما في غير المدن بل لإنشاء كل قطر من الأقطار العربية مدرسة كلية أو جامعة فأصبحنا نقول جامعة الشام وجامعة العراق وجامعة الجزيرة وجامعة اليمن وجامعة الحجاز كما نقول الآن الجامعة المصرية وكلية الأمريكان وكلية القديس يوسف. وفي العهد الأخير أنشئت جمعيات خيرية تعليمية ولاسيما في بيروت ودمشق وحمص توفر العناية بتعليم أبناء الفقراء وفي دمشق منها الآن خمس جمعيات تعلم زهاء أربعمائة طالب على نفقتها ومنها التي أنشأت لها مدارس خاصة مثل جمعية الإسعاف الخيري وجمعية المقاصد الحسنة والجمعية الخيرية الإسلامية في حمص تعلم نحو ألفي فقير، وهذه الجمعيات تقوم بمعاونة المحسنين من أهل الطبقة الوسطى ومن دونهم أيضاً كما أن جمعية المقاصد الخيرية في بيروت والمقاصد الخيرية في صيدا تقومان بريع أملاكهما لأنهما أمستا منذ زمن ونمتا معه بفضل العقلاء منا لوطنين. كثرت الصحف في السنين الست الأخيرة ولا سيما في حواضر الشام والعراق وأنشأت صحف في الموصل مابرحت ضئيلة تغلب عليها العجمية بخلاف الصحف الشامية والعراقية التي أخذت تكتب بلغة سلسة متينة الجملة ولغة صحف الشام أرقى من لغة صحف العراق وإن كانت هذه قطعت شوطاً محموداً في هذه الأعوام القليلة حشا مجلة لغة العرب البغدادية ومن يؤازر فيها من المنشئين والباحثين فإنها على أسلوب المجلات الإفرنجية الأخصائية سدت فراغاً في تاريخ العراق والبحث في أثاره.
أنشأت مطابع كثيرة على عهد الدستور في بلاد الشام وفي بغداد والبصرة والموصل ولكن مطبوعاتها مابرحت قليلة نادرة لأن المؤلفين المجيدين قلائل والناس مابرحوا يقبلون على المطبوعات المصرية لأن صادرة من بلاد هي أعرف الأقطار العربية في العلم على اختلاف ضروبه وأهلها أرقى العرب بل المسلمين ولعله لا يتم هذا العقد من عقود الحرية حتى تبدأ المصنفات العصية والقديمة تصدر من هذه المطابع فقد أنشأ بعض شبان المؤلفين يؤلفون في بيروت ودمشق وبغداد في العلوم الطبيعية والجغرافية والتاريخية كتب مدرسية خصوصاً بعد أن رأوا إقبال المدارس الأهلية على التعليم بالعربية وأنشأت الحكومة مدرسة