للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الغناء مؤثر في البهائم فكيف لا يؤثر في الإنسان هو يؤثر في الطيور والهوام ولطالما شوهد العصفور والشحرور يرفرفان أمام مغن مطرب وآلة موسيقية شجية وقد أخذهما الطرب فاقتربا يستمعان للأغاني ورنات المثالث والمثاني كما يقترب الطروب من الأناسي وشوهد أن الأفاعي خرجت من أوكارها تستمع لنغمة شاد أو ضربة موسيقار بل شوهد أن من الغناء ما تهتز له جوانب القصور وترتج رفوفها وحيطانها ولعل ما قيل من أن صوت فلان يطرب الجماد له من الواقع ما يؤيده.

الألحان تصفي الأرواح وتبعث النشاط في النفوس فيها قد يجسر الجبان في ساحة الوغى ويكرم الشحيح ويرق الكثيف ويلين القاسي ويقوى الضعيف ويعدل الظالم ويعطف اللئيم. وخير الأغاني والأناشيد ما كانت ملحنة بألحان تناسبها معن الألفاظ جيدة المعاني وما قيل من أنه ليس على المطرب أن يعرب ليس صحيحاً من أكثر وجوهه فإن لجودة اللفظ والمعنى تأثيراً لا ينكره إلا مريض الذوق بعيد عن مناحي الآداب سقيم الفهم.

كان الناس في القديم لا يعرفون غير العود والقانون والمزامير والشبابات والصلاصل والطارات والكوبة من آلات الطرب واليوم أتي الإفرنج بالأرغن والبيانو وغيرهما من أدوات الطرب ولكن جل الاعتماد اليوم على البيانو لا يكاد يخلو منه بيت ذي نغمة في الغرب يضرب به أولاده وزوجه وضيوفه ويوقعون عليه أنواع الأغاني والاناشيد وتعلمه فيما نحسب لسهل من تعلم العود المألوف في هذا الشرق الأقرب.

والتغيير هو الغناء بالطقطقة بالقضيب وإنما سمي تغييراً لأن محدثيه يسمون المغيرة والكوبة طبل طويل ضيق الوسط ذو رأسين وهو المعروف بالدربكة في بلاد الشام.

قال يزيد بن عبد الملك يوماً وذكر عنده البربط فقال بيت شعري ما هو فقال له عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنا أخبرك ما هو هو محدودب الظهر أرسح البطن له أربعة أوتار إذا حركت لم يسمعها أحد إلا حرك أعطافه وهز رأسه.

وقد ورد في الكتاب والسنة وسيرة أعاظم سلف الأمة إشارة إلى الغناء وإلى تجوزهم في سماعه وهم ولا شك أحسن قدوة في هذا الباب. قال القرطبي من مخطوطات المكتبة الظاهرية ومن الاستدلال بالكتاب من ذلك أي على الغناء قوله تعالى ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله قال ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وعكرمة هو