جعلت العرب الشعر موزوناً لمد الصوت فيه والدندنة ولولا ذلك لكان الشعر المنظوم كالخبر المنثور.
واحتجوا في إباحة الغناء واستحسانه بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: اهديتم الفتاة إلى بعلها قالت نعم قال فبعثتم معها من يغني قالت: لا قال: أوما علمت أن الأنصار قوم يعجبهم الغزل ألا بعثتم معها من يقول:
أتيناكم أتيناكم ... فحيونا نحييكم
ولولا الحبة السمرا ... ء لم نحلل بواديكم
واحتجوا بحديث عبد الله بن اويس بن عم مالك وكان من أفضل رجال الزهري قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بجارية بظل قارع وهي تغني
هل عليّ ويحكم ... إن لهوت من حرج
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا حرج إن شاء الله
حدث عباس بن المفضل قاضي المدينة قال حدثني الزبير بن بكار قاضي مكة عن مصعب بن عبد الله قال: دخل الشعبي على بشر بن مروان وهو والي العراق لأخيه عبد الملك بن مروان وعنده جارية حجرها عود فلما دخل الشعبي أمرها فوضعت العود فقال له الشعبي: لا للأمير أن يستحي من عبده قال: صدفتم ثم فال للجارية هات ما عندك فأخذت العود وغنت
ومما شجاني أنها يوم ودعت ... تولت وماء العين في الجفن حائر
فلما أعادت من بعيد بنظره ... إلىَّ التفاتاً أسلمته المحاجر
فقال الشعبي: الصغير أكيسهما يريد الزير ثم قال: يا هذه أرخي من بمك وشدي من زيرك فقال له بشر: وما عملك قال: أظن العمل فيهما قال: صدقت ومن لم ينفعه ظنه لم ينفعه يقينه.
أرق معاوية ذات ليلة فقال لخادمه خديج: اذهب فانظر من عند عبد الله (بن جعفر وكان ضيفه أنزله في دار عياله بالشام) وأخبره بخرجي إليه فذهب فأخبره فأقام كل من كان عنده ثم جاء معاوية فلم ير في المجلس غير عبد الله فقال: مجلس من هذا قال: مجلس فلان قال معاوية: مرة يرجع إلى مجلسه ثم قال من هذا قال: مجلس فلان قال مره يرجع إلى مجلسه