للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن حكمها العرب قروناً. عن علي بن عيسى بن الجراح قال:

سألت أولاد بني أمية ما سبب زوال دولتكم قال أربع خصال أولها أن وزراءنا كتموا عنا ما يجب إظهاره لنا والثانية أن جباة خراجنا ظلموا الناس فاحتلوا عن أوطانهم فخربت بيوت أموالنا والثالثة انقطعت الأرزاق عن الجند فتركوا طاعتنا والرابعة أيس الناس من إنصافنا فاستراحوا إلى غيرنا فهذا كان سبب زوال دولتنا. قلنا وهو سبب ذهاب أكثر الدول وهذه الخصال كانت ولا شك موجودة في الفاطمية.

قال صاحب الكامل: ولما استولى صلاح الدين على القصر وأمواله وذخائره اختار منه ما أراد ووهب أهله وباع منه كثيراً وكان فيه من الجواهر والأعلاق النفسية ما لم يكن عند ملك من الملوك قد جمع على طول السنين وممر الدهور فمنه القضيب الزمرد طوله نحو قصبة ونصف والحبل الياقوت وغيرهما ومن الكتب المنتجة بالخطوط المنسوبة والخطوط الجيدة نحو مائة ألف مجلد. وهكذا عادت إلى مصر الخطبة والسكة باسم الخليفة العباسي بعد أن انقطعت دهراً طويلاً فأرسل المستضيء بأمر الله خلعة إلى نور الدين في الشام وأخرى أقل من خلعته إلى صلاح الدين في مصر.

ثم حصلت وحشة بين نور الدين وصلاح الدين وذلك أن الأول طلب إلى الثاني أن يجمع العساكر المصرية ويأتي إلى الكرك ليجمع هو العساكر الشامية ويأتيها ليخلصوها من الإفرنج فبعد أن صدع بالأمر أرسل إليه كتاباً يعتذر فيه عن الوصول باختلال الديار المصرية لأمور بلغته عن بعض شيعة العلويين وأنهم عازمون على الوثوب بها وأنه يخاف عليها مع البعد عنها أن يقوم أهلها على من تخلف بها فلم يقبل نور الدين هذا الاعتذار منه وتغير عليه وكان سبب تقاعد صلاح الدين أن أصحابه وخواصه خوفوه من الاجتماع بنور الدين فإذا لم يمتثل أمر نور الدين شق ذلك عليه وعظم عنده فجمع أهله ومنهم والده نجم الدين وخاله شهاب الدين الحازمي ومعهم سائر الأمراء وأعلمهم ما بلغه من عزم نور الدين على قصده وأخذ مصر منه واستشارهم فلم يجبه أحد منهم بشيء فقام تقي الدين عمر ابن أخي صلاح الدين وقال: إذا جاء قاتلناه ومنعناه عن البلاد ووافقه غيره من أهله فشتمهم نجم الدين أيوب وأنكر ذلك واستظمه وكان ذا رأي وفكر وعقل وقال لتقي الدين: اقعد وسبه وقال لصلاح الدين: أنا أبوك وهذا شهاب خالك أتظن أن في هؤلاء كلهم