المنقطعين ما لا ينادى وليده وفي وادي بردى والزبداني من الفتنة القائمة والسيف الذي يقطر دماً ما لا زاجر له وللمسلمين ثغور تريد التحصين والذخيرة ومن المهمات إقامة وجوع الدخل وتقدير الخرج بحسبها.
ملأت أوقاف صلاح الدين مصر والشام وهي غير منسوبة إليه قال اين خلكان ولقد أفكرت في نفسي من أمور هذا الرجل وقلت إنه سعيد في الدنيا والآخرة فإنه فعل في هذه الدنيا الأفعال المشهورة من الفتوحات الكثيرة وغيرها ورتب هذه الأوقاف العظيمة وليس فيها شيء منسوباً إليه في الظاهر لما مات صلاح الدين لم يخلق مالاً عن ٥٧عاماً وخلف سبعة عشر ولداً ذكراً وابنة ولم يخلف سوى دينار واحد بعد أن دخلت في يديه ثروة الفاطميين وجبي إليه خراج البلاد المفتتحة وحاز مغانم الصليبيين مران تغيب السلطان صلاح الدين أربع سنين في فتح القدس وغيرها من بلاد الساحل وفلسطين لم يدخل خلالها دمشق مع أنه كان يحب البلد ويؤثر فيه الإقامة على سائر البلاد فرأى أولاده الأفضل والظاهر والظافر وأولاده الصغار وأقام في دمشق أياماً يتصيد هو وأخوه الملك العادل أبو بكر بن أيوب وأولاده ويتفرجون في أراضي دمشق ومواطن الصبا وكأنه وجد به راحة مما كان فيه من ملازمة التعب والنصب وسهر الليل ونصب النهار وما كان ذلك إلا كالوداع لأولاده ومرابع نزهه وبينما هو على ذلك ونفسه تحدثه بزيارة مصر بعد طول الغيبة عنها ناداه مولاه فلباه فأبكى المقل وأدمى الحناجر.
مات رحمه الله والألسن تذكره بالمحمدة حتى قيام الساعة فكان رجلاً بعد بعشرات الملايين وكم من ألوف لا يساوون واحداً يساوي ألوفاً. مات وقد زلزل المسلمون لفقده كما كتب القاضي الفاضل في ساعة موته إلى ولده الملك الظاهر صاحب حلب من بطاقة: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة أن زلزلة الساعى شيء عظيم كتبت إلى مولانا السلطان الملك الظاهر أحسن الله عزاءه وجبر مصابه وجعل فيه الخلف في الساعة المذكورة وقد زلزل المسلمون زلزالاً شديداً وقد حفرت الدموع المحاجر وبلغت القلوب الخناجر وقد ودعت أباك ومخدومي وداعاً لا تلاقي بعده وقد قبلت وجهه عني وعنك وأسلمته إلى الله تعالى مغلوب الحيلة ضعيف القوة راضياً عن الله عزَّ وجل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وبالباب من الجنود المجندة والأسلحة المغمدة ما لا يدفع البلاء ولا ملك يرد القضاء