للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستدرار حلب الزمان الجائح اغتراراً بأن الحركة بركة والاغتراب داعية الاكتساب فامتطى غارب الأمل إلى الغربة وركب ركوب التطواف مع كل صحبة فلم يرث له دهره الخؤون ولا رق له زمانه المفتون

إن الليالي والأيام لو سئلت ... عن عيب أنفسها لم تكتم الخبرا

وهيهات مع حرفة الأدب بلوغ وطر أو إدراك أرب ومع عبوس الحظ ابتسام الدهر الكظ ولم أزل مع الدهر في تفنيذ وعتاب حتى رضيت ن الغنيمة بالإياب. . .

والقفطي هو وزير حلب الذي يروي عنه ياقوت كثيراً في كتبه بقوله وحدثني الصاحب الأكرم والغالب أنه كان من المحسنين لياقوت ولا يعرف الفضل إلا ذووه لأن القفطي كان عالماً أيضاً وهو صاحب أخبار الحكماء المقتبس م٥ ص٣٣٥ واحتكاك ياقوت بأمثال القفطي من أرباب الدولة هيأ له الإطلاع على ما يتعذر على كثير من المشتغلين بالتأليف أن يطلعوا عليه مثل مقدار الجباية في قطر وبعض أمور تتعلق بالبلاد وترى من ذلك نموذجاً في مادة حلب فإن ياقوت جوَّد الكلام على هذه المدينة أكثر من تجويده على دمشق في الجملة لأن الصاحب الأكرم أطلعه على أمور كثيرة ولذلك ترى المؤلف قضى شطراً من حياته في حلب وما نظنها كانت إلا دون دمشق بمكانتها العلمية والاقتصادية ولكن الرجل الواحد تكبر به البلد وتعظم في النفوس ومئات الألوف من الناس قد لا يكون فيهم الرجل الرشيد فتزدريهم وتتخطاهم إلى غيرهم.

وقد اهدى ياقوت معجم البلدان إلى القاضي الأكرم وزير حلب فقال في ذلك: إذ كنت منذ وجدت في حل وترحال ومبارز للزمان ونزال أسأل منه سلماً ولا يزيدني إلا هضماً

فلما قضت نفسي من السير ما قضت ... على ما بلت من شدة وليان

بعد طول مكابدة حرقة الحرفة وانتظار تبلج ظلام الحظ يوماً من سدفة.

علقت بحبل من حبال ابن يوسف ... أمنت به من طارق الحدثان

فرد عني صرف الدهر والمحن ورفه خاطري عن معاندة الزمن لما

تغطيت عن دهري بظل جناحه ... فعيني ترى دهري وليس يراني

فأصبحت من كنفه في حرز حريز ومن إحسانه وتكرمه في موطن عزيز

فلو تسأل الأيام عني لما درت ... وأين مكاني ما عرفن مكاني