فمن يصح من دار الخمار فليس من ... خمار خمارٍ للمحب طبيب
بنفسي أفدي من أحب وصاله ... ويهوى وصالي ميله ويثيب
ونبذل جدينا لشمل يضمنا ... ويأبى زماني إن ذا لعجيب
وقد زعموا أن كل من جدَّ واجد ... وما كل أقوال الرجال تصيب
الكلام على معجم البلدان طويل كطوله ولكنه طول غير مملول وكأن ياقوت شعر بما أتى فقال في مقدمته: ولقد ألتمس مني الطلاب اختصار هذا الكتاب مراراً فأبيت ولم أجد لي على قصر هممهم أولياء ولا أنصاراً فما انقدت لهم ولا أرعويت ولي على ناقل هذا الكتاب والمستفيد منه أن لا يضيع ما لفقت وتفريق ملتئم محاسنه ونفي كل علق نفيس عن معادنه ومكامنه باقتضابه واختصاره وتعطيل حيده من حليه وأنواره وغصبه إعلان فضله وأسراره فرب راغب عن كلمة غيره متهالك عليها وزاهد في نكتة فيره مشغوف بها ينضي الركاب إليها فإن أجبتني فقد بررتني جعلك الله من الأبرار وإن خالفتني فقد عققتني والله حسيبك في عقبي الدار ثم اعلم أن المختصر من الكتاب كمن أقدم على خلق سوي فقطع أطرافه فتركه عاطلاً أو كالذي سلب الكمي سلاحه فتركه أعزل راجلاً. وقد حكي عن الجاحظ أنه صنف كتاباً وبوبه أبواباً فأخذه بعض أهل المصنف كالمصور وأني قد صورت في تصنيفي صورة كانت لها عينان فعورتهما أعمى الله عينيك وكان لها أذنان فصلمتهما صلم الله أذنيك وكان لها يدان فقطعتهما قطع الله يديك حتى عد أعضاء الصورة فاعتذر إليه الرجل بجهله هذا المقدار وتاب إليه عن المعاودة إلى مثله أه.
ومع كل هذا التصريح ودعاء ياقوت على من يقدم على اختصار كتابه معجم البلدان مع علمه بتطويله أقدم الجلال السيوطي على اختصاره كما أقدم على تلخيص اللباب في الأنساب لابن الأثير وسماه لب اللباب وأصل اللباب للسمعاني راجع باب المخطوطات والمطبوعات من هذا الجزء.
جاء في كشف الظنون أن مختصر معجم البلدان للسيوطي لم يتمكما في الفهرست قال السيوطي في مختصره وبعد فإن الغرض من وضع هذا الكتاب إنما هو بيان ما يدل على المقصود فلا ينبغي أن يخلط به غيره مما يبين في علم آخر لئلا يتشعب الفهم ويطول الكلام فيؤدي إلى الإملال وهذه حال معجم البلدان فإن الغرض إنما هو معرفة أسماء