الكثير الجاهل وعظمة الأمم بعلمها وعملها. لا يوفر سكانها وطول سهلها وجبلها: سويسرا تفاخر وحق لها الفخر بأنها اليوم لا تعرف الأميين.
إلا بما تقرأه عنهم في صحف العالمين. فهل عهد مثل هذا النور لأمة في القدماء أو المحدثين.
يخيل للناظر أن هذه البلاد الواقعة بين أربع ممالك راقية. فرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا. قد أخذت من هذه المدنيات الأربع أطايبها. ولعله لا يخطئ من قال أن هذه الممالك أخذت كثيراً من أطايب ما عند سويسرا. فجاءت هلفسيا أو سويسرا مجموعة الإبداع. في البقاع والأصقاع. وسلسلة مفرغة في المحاسن لا يعرف أين طرفاها. تقاسمت القرى مع المدن. والأودية مع الجبال. آثار الجمال والكمال فعز لها قسيم في استهواء القلوب بين هذه الديارات. بل بين الخمس من القارات وما ظرف عمران الألمانيين والفرنساويين والإيطاليين والنمساويين. إذا قيس بظرف بلاد السويسريين إلا كالنضارة في خدود فتاة العشرين. في جنب نضارة ابنة الأربعين.
لا جرم أن هذه الجمهورية الرشيدة هي التي وصفها للناس أفلاطون وروسو فكانت بما وفقت إله مما يضعف الفصحاء عن توفيتها حقها من الاستحسان وذكر المجردات لا يقنع بقدر الأدلاء بالحجة ولذا نقتصر على طرف مما عرفناه وعرفه عنها كوصف حياتها القومية والروحية والعملية والاقتصادية عسى أن يثمر ذلك فائدة لمستفيد. وعبرة لمعتبر. في شرقنا المتخدر الأعصاب منذ أحقاب. الذي كادت تدمع لحاله عيون الأعداء بعد أن أدمى مقل الأحباب.
سويسرا: الأفراد والأسرة
أول من يبده الداخل إلى أرض سويسرا: الخضرة والنظافة. فإنها كلها أشبه بحديقة في وسطها مصايف من أجمل ما بنى المهندسون ونقش النقاشون وصور المصورون. الدور على اختلاف هنستها سواء كانت بيضاء كما هي في سويسرا الفرنساوية أو منقوشة كما هي في الشمال الشرقي أو من الخشب على ما تراها في أوبرلاند تفيض بهجة ونضرة ونظافة وزينة وتبدو على الدوام جديدة حتى ولو كانت مبنية منذ قرنين أو ثلاثة. والغربيون مولعون بإبقاء القصور القديمة مهما لانت ويؤثرونها على الجديد من نوعها.