التعليم. ومع هذا ترى من مقاطعات الشمال مقاطعتي الفو ونوشاتل وهما من جنس فرنساوي لا تقلان في النظافة عن مقاطعتي زوريخ الألمانيتين.
ومهما يكن من أصول السويسريين ألماناً كانوا أو فرنسيساً أو إيطاليين فإن سويسرا أشبه بفسيفساء من الشعوب والعناصر وامتزجت وتعاشرت لا تفرق بينهم إلا اللغة وقد اختلطت دماؤهم اختلاط الماء بالراح كما ترى من سحناتهم الألمانية غالبة عليهم وكذلك ترى في بعض المقاطعات الألمانية التي تتكلم باللغة الجرمانية منذ عشرة قرون ملامح السلئيين والريتيين من قدماء الرومان.
نشأت من هذه العناصر الممزوجة روح سويسرية ووطنية سويسرية وذلك بامتزاج الفكر الجرماني بالفكر اللاتيني فأخذ السويسري عن الألماني صفات التدين والرزانة والشعور بالتضامن والنظام والثبات والرغبة في الماديات والحقائق واقتبس من العنصر اللاتيني تقاليد البشاشة والأدب وجودة الحكم وحسن التقليد والظرف. والرأي الديني في ابن مقاطعة تسين لا يماثل الرأي الديني في ابن مقاطعة لوسرن بين الفرنسويين ويغالي الأولون بالأكثر في توطيد سلطة الحكومة وتوسيع اختصاصها وتراهم مولعين بتقاليدهم مرتبطين بعاداتهم القديمة وحرياتهم المحلية وخصائصهم على العكس في السويسريين الفربسويين فإن هذه الصفات تبدو فيهم بمظهر آخر.
والسويسريين على اختلاف أصوله ولغته أفرنسياً كان أو ألمانياً قليل الفضول لا يسألك في الفندق ولا في الشارع إذا تعرفت إليه عن مقاصدك ولا يتتبع عوراتك ولا يسألك أسئلة لا تحب أن تجيب عليها على العكس في السويسري الأيطالي وهو ساكن في الجنوب طبعاً فإنه يملل نزيله وصاحبة بأسئلته. ومن ترك الناس وشأنهم في هذه البلاد نشأ في أمم أوربا حسن الظن بالسويسريين فاختاروا سويسرا مصيفاً ومشتى لأن من تلك الأمم ولا سيما الشعوب الإنكلوسكسونية من لا يحب أن يسمعك صوته فضلاً عن أن يطلعك على عجره وبجره.
وهذا الخلق سرى للحكومة وهي وقانونها صورة من صور الشعب أكتب هذا عن لوزان وقد مضى عليَّ فيها خمسة عشر يوماً وأنا لم أر سوى ثلاثة أو أربعة من رجال الشرطة بالعرض أقامتهم المديرية بداعي الأعياد فقط ولم أر سوى جندي واحد هذا والمدينة لا تقل