عرفوا علم أنساب فأنه علم يتعرف منه أنساب الناس وقواعده الكلية والجزئية والغرض منه الاحتراز عن الخطأ في نسب شخص وهو علم عظيم النفع جليل القدر وقد عنيت العرب بضبط أنسابها حتى إذا أكثر أهل الإسلام واختلظت أنسابهم بالأعجام تعذر شبطها بالآباء فانتسب كل مجهول النسب إلى بلده أو حرفته أو نحو ذلك حتى غلب هذا النوع قال كاتل حلبي وقد صنفوا فيه كتباً كثيرة والذي فتح هذا الباب وضبط علم الأنساب هو الإمام النسابة هشام بن محمد السائب الكلبي المتوفي سنة ٢٠٤ فإنه صنف فيه خمسة كتب ثم اقتفى أثره جماعة. قلنا ومنهم الإمام أبو سعيد عبد الكريم ابن محمد المرزوي الشافعي الحافظ المتوفي سنة ٥٦٢ وكان أبو سعيد هذا كما قال صاحب وفيات الأعيان واسطة عقد البيت السمعاني وعينهم الناظر ويدهم الباطشة وإليه انتهت رئاسيهم وبه كملت سيادتهم رحل في طلب العلم والحديث إلى الشرق البلاد وغربها وجنوبها وشمالها وسافر إلى ما وراء النهر وسائر بلاد خرسان عدة دفعات وإلى نومس والري وأصبهان وهمدان وبلاد الجبال والعراق والحجاز والموصل ولاجزيرة والشام وغيرها من البلاد التي يطول ذكرها ولقي العلماء وأخذ منهم وكان عدة شيوخه تزيد على أربعة آلاف شيخ وصنف التصانيف الحسنة الغزيرة منها كتاب الأنساب نحو ثمان مجلدات وهو الذي اختصره عز الدين أبو الحسن علي ابن الأثير الجزري واستدرك عليه والمختصر هو الموجود بأيدي الناس والأصل قليل الوجود.
قال في الكشف أن ابن الأثير سمى كتاب السمعاني اللباب وهو في ثلاث مجلدات ثم لخصه السوطي وجرده عن المتنسبين وزاد عليه أشياء وسماه الألباب في تحرير الأنساب ولخصه الخيضري المتوفي سنة ٨٩٤ وكأن اله ادخر كتاب السمعاني في خزانة المتحف البريطاني إلى هذا العهد ليقوم أحد علماء المشرقيات الأستاذ مرجليوث بنشره على نفقة تذكار حبيب الإنكليزي. طبع على المجر (ليتوغرافيا) فجاء مثل الأصل المأخوذ عنه حذو القذة وذلك على ورق جيد في زهاء ألف ومائتي صعحة من الحجم الكامل وإذ كانت النسخة المنقول عنها مختلفة الخطوط جاءت كذلك وفي ظننا أن هذه النسخى لو طبعت بالحروف كما طبع الأستاذ مرجليوث أيضاً معجم الأدباء لياقوت لعمت الإستفادة من هذا السفر الجليل وسهل على كل مطالع الأخذ منه لأن في هذه الخطوط ما يصعب حله إلى بعد أعمال النظر