وظلت بلغاريا على عتوها سكرى بخمار النصر الذي أحرزه جنودها وأضاعه سوء تدبير رجالها فلم تقبل بمقترحات الدول عليها بشأن تسليم سلستريا لرومانيا وغير ذلك من التسامح فاضطرت رومانيا لإعلان الحرب عليها يوم ٣ تموز فجندت في عشرة أيام ٤٦٧ ألف جندي مما دهش له العالم وتقدم جيشها واجتاز الطونة وحط رحاله أمام صوفيا عاصمة البلغار فعقد الصلح في بكرش بعد أسبوعين على صورة كان فيها الحيف على بلغاريا التي تركت من أرضها نحو ثمانية آلاف كيلومتر مربع فيها ٣٠٨ آلاف ساكن وهو نفع مادي قليل لكنه من الوجهة المعنوية كبير جداً وأقل ما فيه أن رومانيا أحرزت لها نفوذاً على حلفائها وسلطة وسعها اعتدالها في مطالبها ويرجع الفضل في عقد الصلح بسرعة إلى ملكها شارل فإنه لم يقع بعد انتصاره فيما وقعت فيه بلغاريا عقيب انتصارها من الجبر والاشتطاط والطمع بل أبدى من النصفة والاعتدال وكرم الأخلاق مع المغلوبين البلغاريين ما جعله وهو شيخ ملوك البلقان حكمها الذي لا ينازع ولم تتردد أوربا أن تمنحه هذا اللقب معترفة له بجميله.
ولكن الممالك كالأشخاص قد لا تتم لها سعادتها ولا تنتهي أطماعها فإن رومانيا مع أحرزته مؤخراً من المنافع وكسبته من الصيت الحميد بين الدول لا تزال تحلم بأن تضم إليها الثلاثة ملايين والنصف مليون من الرومانيين الذين هم في حكم النمسا والمجر وتطالب المجر باستعادة إقليم ترانسلفانيا إليها لأن الرومان فيه يؤلفون الأكثرية ونفوسه ١. ٤٧٢. ٠٠٠ بحسب إحصاء المجر و٢. ٥٠٠. ٠٠٠ بحسب إحصاء الرومان وكان هذا الإقليم ضم إلى المجر سنة ١٨٦٧ على الرغم من وعد الإمبراطور فرنسيس يوسف بأن يترك لرومانيا استقلالها قبل ذلك بأربع سنين ومنذ ذاك العهد والعراك قائم بين الرومان المستعبدين وبين حكومة المجر فإن هذه الحكومة تحاول بقوة عمالها أن تمجرهم أي تجعلهم مجراً بلسانهم ومدنيتهم وهم يأبون إلا البقاء على لغتهم ومناحيهم فلا تستطيع رومانيا رسمياً أن تنشط رومان المجر ولكنها بصورة غير رسمية تكتب جرائدها وتعمل جمعياتها أعمالاً من شأنها الوصول بأبناء لسانهم المنفصلين عنهم إلى ضمهم إليهم أو استقلالهم عن هنغاريا فرومانيا ترمي سراً إلى إنشاء مملكة رومانية يدخل تحت لوائها كل من يتكلم