أرضها لا تحمى إلا إذا كانت على حال الدفاع بحيث يحترمها جيرانها وب١لك تحفظ استقلالها لا بمجرد العهود التي تدار بالأرجل عند ثوران الغضب وهيجان النفوس للفتح وجر المغانم.
سويسرا لا تريد أن تكون طعمة سهلة لكل آكل ولا تخاف في الأغلب أن تداهمها فرنسا من الغرب والنمسا من الشرق بل تحاذر في الأكثر من الشمال تخاف عادية ألمانيا وأن تضمها هذه ذات يوم بالقوة إلى أرضها كما فعلت بمقاطعة شلشويق هولستاين وهانوفر وهيس وفرانكفورت والألزاس واللورين وأخوف ما تخاف من عادية إيطاليا من الجنوب ولذلك تقيم على الشمال معظم جيشها وعلى الجنوب المعاقل المدهشة ومنها معقل غوتار والسمبلون فإن كان السويسريون يحمون بلادهم ويفادون بالرجال والمال للذب عن حياضها فذلك لأنهم يحبونها حباً يمازج أجزاء نفوسهم ولا شيء أحسن وأضمن للتعلق بالوطن من الاستقلال وحكم المرء نفسه بنفسه.
قال أحدهم إن سويسرا ليست من البلاد التي تبقى لضرورة في بقائها كإنكلترا وإسبانيا بل إنها لم تبقى إلا لأن السويسريون يريدون بقائها نعم إن الإرادة وحب الحريات السياسية من القوى ولكنها ليست كلها جماع القوى فإن سويسرا لم تتألف عرضاً ولإرادة المتعاقدين المتحدين من أبنائها بل إنها اجتمعت لاتفاقها في العواطف والروح وبما لها من التقاليد المتماثلة والماضي والمجد الذي يتجسم كل حين باسمغليوم تل بطلها القديم.
وغليوم تل هو أحد رجال الثورة الذين أنقذوا سويسرا منربقة النمسا سنة ١٣٠٧م وذلك أن عامل الإمبراطور النمساوي كان علق قبعة الدوج على رأس خشبة في الساحة العامة في التورف وأراد أن يذل السويسريون بأن يسلموا على القبعة كلما مروا بها فأبى أن يخضع غليوم تل لهذه المذلة فاستدعاه الوالي النمساوي ولما عرف أنه من الرماة الماهرين بالقوس والنشاب حكم عليه جزاء إبائه أن يضرب سهماً على تفاحة وضعها الوالي على رأس أبن غليوم تل فلم يسع هذا إلا أن ألقى سهمه فأصاب التفاحة ولم يصب ابنه بسوء ولما سأله الوالي لماذا أعد سهمين فقال له الواحد للتفاحة والآخر لك وعندها نادى بالثارات سويسرا وكان بذلك خلاص البلاد من حكم النمساويين في أوقات مختلفة كان يكتب فيها النصر للسويسريون لأنهم مدافعون لا مهاجمون.