للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غليوم تل نصبت له التماثيل الكثيرة اليوم في بلاد سويسرا فهو مثل غاريبالدي في إيطاليا أحيا أمته بشجاعته ومن أجل هذا التاريخ المعنعن بالواقع لا ترى السويسريين سواء ممن كانوا يتكلمون الألمانية وهم الأكثرية أو الإفرنسية أو الإيطالية أو الرومانشية تحدثهم نفوسهم أن ينضموا إلى أبناء جنسهم بل إنك ترى السويسري وأبناءه وأحفاده وأحفاد أحفاده تغربوا في إيطاليا وألمانيا والنمسا وفرنسا قرناً وأكثر ولا يزالون محافظين على تابعيتهم وقد عرض مرة على أحد علمائهم إدوار وود وكان باريزياً في موطنه فقط وسويسرياً بجنسيته أن يتجنس بالجنسية الفرنسوية لينتخب عضواً في المجمع العلمي مجمع الأربعين المخلدين فقالف والسذاجة طافحة من كلامه إنني أحب فرنسا وأسكن باريز ولكنني سويسري مات والدي ووالدتي في سويسرا وأنا لا أكون في المجمع العلمي. . هذه هي الوطنية السويسرية متأصلة في شغاف القلوب ولكنها ساذجة لا تتعمد الصياح ولا التظاهر ولا تجد داعياً للتبجح بها كل حين.

وطنية السويسريين في صدورهم مكتومة لها أعياد وحفلات ومصانع وتذكارات تذكرهم الساعة بعد الساعة بما بذل أجدادهم من إهراق دمائهم في دفاعهم عن وطنهم وما يجب عليهم أن يقوموا به ليحفظوا هذا التراث الجميل النادر دع ما ينشره علماؤهم وأدباؤهم من المصنفات الممتعة التي كلها ترمي إلى تحبيب وطنهم إليهم وتلقن أبناءهم منذ نعومة أظفارهم التعليم الوطني في المدارس وتلامذة مدارسهم يتغنون في كل شارقة وبارقة بالقصائد الحماسية الوطنية التي نظمها الشاعر السويسري جوست أليفيه ويتلون الفترة بعد الفترة ما وصف الشاعر الكاتب أوجين رامبرت طبيعة سويسرا وجبالها وأوديتها وبحيراتها فيزيد هيامهم بأرضهم.

السويسريون لا يقنعون أن يحبوا بلادهم حباً مجرداً بل يزورونها بعناية واهتمام وعدد من يرحل منهم صيفاً وشتاءً ٢٢ % في المئة من مجموع السياح القادمين إلى سويسرا ينتقلون في جبالها وأوديتها وترى العامي منهم إذا اجتاز أرضاً لم يعرفها بعد يقف في القطار مأخوذاً بما يمر به منا الأصقاع بحيث لا يفوته منها جميل وإذا ذهبت إلى القرى أتاك بعض من أهلها بدون طلب منك وحدثوك عما تجب زيارته من المحال البديعة في جوارهم فالسويسريون معجبون ببلادهم وحق لهم العجب وربما كانوا أكثر الأمم المجاورة في