للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفلسفة إلا بعلم الرياضيات وله كتاب في الحث على تعلم الفلسفة وكتاب في أن أفعال البارئ كلها عدل لا يجوز فيها ورسالة الاحتراس من خدع السوفسطائية ورسالة في نقص مسائل الملحدين وتزييف أقوالهم ورسالة في صحة النبوات وإنها ممكنة عقلاً وممن علت منزلته عند المأمون في الترجمة سهل بن سابور ابنه وأيضاً حنين ابن اسحق العبادي شيخ المترجمين وهو من نصارى الحيرة ولد سنة ١٩٤هـ - وكان أبوه صيرفياً وانتقل في حداثة سنه إلى البصرة فتلقى فيها العربية ثم انتقل إلى بغداد ليشتغل بصناعة الطب فلقى في ذلك مشقة لا الأطباء خصوصاً أهل جند يسابور كانوا يكرهون أن يدخل في صناعتهم أبناء التجار وكان أعمر مجالس الطب يومئذ يوحنا بن ماسويه احد بلغاء مارستان جندريسابور فجعل حنين يحضر هذا المجلس ويلازم ماسويه فاتفق له أن سأله مرة مسألة مما كان يقرأه عليه فغضب يوحنا وقال: ما لأهل الحيرة وصناعة الطب فاذهب إلى فلان قرابتك حتى يهب لك خمسين درهماً تشتري بها قفافاً صغاراً بدرهم وزرنيخاً بثلاثة دراهم واشتري بالباقي فلوساً كوفية وفارسية وزرنخ القادسية في تلك القفاف واقعد على الطريق وصح الفلوس الجياد للصدقة والنفقة وبع الفلوس فإنه أعود عليك من هذه الصناعة ثم أمره أن يخرج من داره. فخرج حنين باكياً حزين القلب كئيباً وقد بعثه ذلك على زيادة النشاط للسعي في تعلم الطب بلغته الأصلية فغاب هذا المسكين عن بغداد سنتين ثم عاد وقد تعلم اليونانية وآدابها في الإسكندرية وحفظ أشعار هوميروس فأصبح اعلم أهل زمانه بالسريانية واليونانية والفارسية فضلاً عن العربية وأضحى أطباء بغداد بحاجة إلى لنقل الكتب حتى أن يوحنا بن مأسويه نفسه قد استخدمه لنقل الكتب جالينوس إلى السريانية وبعضها إلى العربية واحتذى فيهما حذو الاسكندريين وترجم أيضاً لجبريل بن يختيشوع كتاب التشريح لجالينوس وكان جبريل يخاطبه بالتبجيل والتعظيم فيقول له: يا معلمنا حنين.

ولما أراد المأمون نقل فلسفة اليونان إلى العربية سأل عمن يستطيع ذلك فأرشدوه إلى حنين لأنه لم يكن ثمة من يضاهيه وهو لا يزال شاباً فوسد المأمون هذا الأمر إلى جماعة من المترجمين وهم الحجاج بن مطر وابن البطريق وسلك صاحب بيت الحكمة وغيرهم ورأس عليهم حنيناً المذكور يهذب كل ما يترجمونه وكان المأمون يعطيه من الذهب زنة ما ينقله إلى العربية مثلاً بمثل فكان من دهاء حنين يكتب الترجمة بحروف غليظة على ورق