الهنكر (المجر) وتحن مسلمون رعية لملكهم في طرف بلاده نحو ثلاثين قرية كل واحدة تكاد أن تكون بليدة إلا أن ملك الهنكر لا يمكننا أن نعمل على شيء منها سوراً خوفاً من أن نعصي عيسى ونحن في وسط بلاد النصرانية فشمالينا الصقالبة وقبلينا بلاد البابا يعني رومية والبابا رئيس الإفرنج وهو عندهم نائب المسيح كما هو أمير المؤمنين عند المسلمين ينفذ أمره في جميع ما يتعلق بالدين في جميعهم. قال وفي غريبنا الأندلس وفي شرقينا بلاد الروم قسطنطينية وأعمالها قال ولساننا لسان الإفرنج وزينا زيهم ونخدم معهم في الجندية ونغزو معهم كل طائفة لأنهم لا يقاتلون إلا مخالفي الإسلام.
قال ياقوت: فسألته عن سبب إسلامهم فقال سمعت جماعة من أسلافنا يتحدثون انه قدم إلى بلادنا منذ دهر طويل سبعة نفر من المسلمين من بلاد بلغار وسكنوا بيننا وتلطفوا في تعريفنا وأرشدونا إلى الصواب من دين الإسلام فهدانا الله والحمد الله فأسلمنا جميعاً ونحن نقدم إلى هذه البلاد ونتفقه فإذا رجعنا إلى بلادنا أكرمنا أهلها وولونا أمور دينهم: فسألته لم تحلقون لحاكم كما تفعل الإفرنج فقال يحلقها منا المتجندون ويلبسون لبسة السلاح مثل الإفرنج أما غيرهم فلا. قلت فكم مسافة ما بيننا وبين بلادكم فقال: من ها هنا إلى القسطنطينية نحو شهرين ونصف ومن القسطنطينية إلى بلادنا نحو ذلك وأما الاصطخري فقد ذكر في كتابه من باشجرد إلى بلغار خمس وعشرين مرحلة ومن باشجرد إلى البجناك وهم صنف من الأتراك عشرة أيام.
ووصف بلاد برغر قال: قال علي بن الحسين المسعودي مدينة البرغر على ساحل بحر مانطس وهو بحر متصل بخليج القسطنطينية وارى أنهم في الإقليم السابع وهم نوع من الترك والقوافل متصلة منهم إلى بلاد خوارزم وارض خرسان ومن بلاد خوارزم إليهم إلا أن ذلك بين بوادي غيرهم من الترك قال وملك البرغر في وقتنا هذا وهو سنة ٣٣٢ مسلم اسلم أيام المقتدر بعد العشر والثلمائة لرؤيا رآها وقد كان حج له ولد فورد بغداد وحمل معه المقتدر لواء وسواداً ومالاً ولهم جامع وهذا الملك يغزو القسطنطينية في نحو خمسين ألف فارس فصاعداً ويشن الغارات حولها إلى بلاد رومية والأندلس وارض برجان والجلالقة وافرنجة ومنه إلى القسطنطينية نحو شهرين بين عمائر وغمائر والبرغرامة عظيمة شديدة البأس ينقاد إليها من جاورها من الأمم ولا تمتنع القسطنطينة منهم إلا ياسوار وكذلك ما