الرجوع وما كان فيهم من غير أهل ما وراء النهر كبير احد يعرفون بأعيانهم. وبلغني أن المعتصم كتب إلى عبد الله ابن طاهر كتاباً يتهدده فيه فأنفذ الكتاب إلى نوح بن أسد فكتب إليه أن بما وراء النهر ثلاثمائة ألف قرية ليس من قرية إلا ويخرج منها كذا فارس وراجل لابنتين على أهلها فقدهم وبلغني أن بالشاش وفرغانة من الاستعداد ما لا يوصف مثله عن ثغر من الثغور حتى أن الرجل الواحد من الرعية عنده ما بين مائة ومائتي دابة وليس بسلطان وهم مع ذلك أحسن الناس طاعة لكبرائهم والطفهم خدمة لعظمائهم حتى دعا ذلك الخلفاء إلى أن استدعوا من ما وراء النهر رجالاً وكانت الأتراك جيوشاً تفضلهم على سائر الأجناس في البأس والجرأة والإقدام وحسن الطاعة فقد الحضرة منهم جماعة صاروا قواداً وحاشية للخلفاء ونقاباً عندهم مثل الفراعنة الأتراك الذين هم شحنة دار الخلافة ثم قوي أمرهم وتوالدوا وتغيرت طاعتهم حتى بلغوا على الخلفاء مثل الافشين وآل أبي الساج وهم من اشروسنة والاخشيند من سمرقند. . قلنا وهذا مبدأ دخول الأتراك في خدمة الخلفاء.
ومثل ذلك ما قاله في وصف خوارزم قال: ذكروا في سبب تسميتها بهذا الاسم أن احد الملوك القدماء غضب على أربعمائة من أهل مملكته وخاصة حاشيته فأمر بنفيهم إلى موضع منقطع عن العمارات بحيث يكون بينهم وبين العمائر مائة فرسخ فلم يجدوا على هذه الصفة إلا موضع مدينة كانت وهي إحدى مدن خوارزم فجاؤوا بهم إلى هذا الموضع وتركوهم وذهبوا فلما كان بعده مرة أخرى جرى ذكرهم على بال الملك فأمر قوماً بكشف خبرهم فجاؤوا فوجدوهم قد بنوا أكواخاً ووجدوهم يصيدون السمك وبه يتقوتون وإذا حولهم حطب كثير فقالوا لهم كيف حالكم فقالوا عندنا هذا اللحم وأشاروا إلى السمك وعندنا هذا الحطب فنحن نشوي هذا بهذا ونتقوت به فرجعوا إلى الملك واخبروه بذلك فسمي ذلك الموضع خوارزم لان اللحمة بلغة الخوارزمية خوار والحطب رزم فصار خوارزم فخفف استشقالاً لتكرير الراء. واقر أولئك الذين نفاهم بذلك المكان واقطعهم إياه وأرسل إليهم أربعمائة جارية تركية وأمدهم بطعام من الحنطة والشعير وأمرهم بالزرع والمقام هناك فلذلك في وجوههم اثر الترك وفي طباعهم أخلاق الترك وفيهم جلد وقوة وأحوجهم إلى مقتضى القضية للصبر على الشفاء فعمروا هناك دوراً وقصوراً وكثروا وتنافسوا في البقاع فبنوا قرى ومدناً وتسامع بهم من يقاربهم من مدن خراسان فجاؤوا وساكنوهم فكثروا وغزوا