للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن يطوف أهم عواصم العالم ولا ينفق في يومه أكثر من ليرة مرفهاً رفاهية لا تتيسر له في بلده ولو كان من أغنى أغنيائها لان البلاد في الغرب كلها منظمة ومعظم الفنادق والبيوت سواء في الأخذ بأسباب الراحة. وللعيش فيما خلا العواصم الكبرى سهل للغاية وهو ارخص مما هو في بلادنا فان المصطاف أو المشتي في سويسرا قد يستطيع أن يكون في عائلة ولا ينفق في شهره ثمن الطعام والمنام الجيد أكثر من ١٥٠ فرنكاً وهذا قلما تجد له مثيلاً في بلدة أوربية اللهم إلا في المدن الصغرى أو القرى وكل مدينة من مدن سويسرا حرية بأن يتعلم فيها الشرقي سنين لا أياماً ومن رأى مدينة أو ثنتين يكون قد رأى نموذجاً صالحاً من هذه المدينة الفاضلة.

بيد أن من يسيح في الغرب لا يصح له أن يتخلى عن غثيان العواصم الأمهات مقر المدنيات الضخمة كرومية ولندن وباريز وبرلين وفينا وهذه العواصم يكتفي منها للسائح ببضعة أيام والأولى أن ينظر إلى دولاب الحركة في المدن الصغرى إذ يستطيع أن يحيط بها فكرة أما العواصم الكبرى فان أهلها قد ضاعوا فيها ولا تكاد تجد واحداً منهم يعرفها حق معرفتها فباريز مثلاً كلما غبت عنها أشهراً وعدت إليها تجد فيها غرائب جديدة وجواد فخمة لم تكن من قبل وكل شيء فيها يزداد على الزمن فخامة وعظمة فالفرع الواحد فيها إذا أراد درسه السائح الشرقي لا يتيسر له في اقل من بضعة أشهر ولكن النظرة الإجمالية يكفي لها خمسة عشر يوماً ومثلها سائر العواصم وأصعبها على السائح إحاطة لندن مدينة الثمانية ملايين نسمة ونيورك مدينة الخمسة ملايين.

أن مدينة الغرب متشابهة في أكثر الأوضاع فمن رأى نموذجاً منها اكتفى والزيادة على ذلك من النوافل. من زار باريز مثلاً أعظم نموذج في الحضارة الحديثة.

وخير لمن يعرف لغة مملكة في الأكثر أن يذهب إليها. وان كان من يعرف لغة أوربية كبرى مثل الفرنسية أو الانكليزية يستطيع أن يسيح بدون عناء في كل مملكة وبتفاهم مع أهلها ولا سيما أهل الطبقة العليا والتجار والعلماء.

ثلاث لغات أصول هي التي تفرعت منها لغات القارات الثلاث أوربا وأميركا واوستراليا الانكلوسكسونية واللاتينية والسلافية فمن عرف الروسية مثلاً لا يشق عليه السياحة في البلقان واكثر النمسا ومن عرف الانكليزية استطاع السياحة في أميركا الشمالية واوستراليا