للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن عرف الافرنسية كانت عليه سياحة ايطاليا واسبانيا والبرتغال والبرازيل والأرجنتين مثلاً من أسهل الأشياء.

أما من لم يكتسب له الأخذ بحظ من هذه اللغات وأراد الاستفادة من الغرب فليس أحسن له من استصحاب ترجمان من بلاده ويكون ممن سبقت له الرحلة إلى ديار الغرب وإذا أريد الاقتصاد فالأولى أن يجتمع كل ثلاثة أو أربعة أشخاص ويرافقهم ترجمان مؤتمن عندهم وعندها تقل النفقة نحو الثلث. ولقد شاهدنا كثيراً من أغنياء مصر ساحوا أوربا وهم لا يعرفون لغة من لغاتها ولكنهم بواسطة التراجمة استطاعوا أن يحسنوا التصرف بيد أن الأولى أن يكون المرء نفسه عارفاً بإحدى لغاتهم وهناك حدث ما شئت أن تحدث عن استفادته وسروره.

وبالجملة فإن الخوف من السياحة توهم ليس في محله فلا المال وقلته ولا عدم الإحاطة بلغة إفرنجية بل أن المحرك الأعظم في السياحة الإرادة ومن صحت عزيمته زعزع الجبال فما بالك بالسياحة وأبناء السابعة والثامنة اليوم يسيحون في أوربا وأميركا بدون أن يخشوا ضرراً والفتيات الجميلات يضربن في البر والبحر ولا من يتعرض لهن بسوء فهل من العجل أن يكون فتيان الغرب وفتياته أرقى منا كعباً وأكثر إقداماً ما دامت لنا في السياحة فوائد لا يقدرها الخامل في بلده والسياحة مدرسة لتعليم الكبار كما أن المدرسة هي المعلمة للصغار فاللهم علم كبارنا وصغارنا علماً نافعاً.

نحن في البلاد الفرنسوية

ليس عجباً أن ترى العثماني والإيراني وغيرهما من سكان أسيا الغربية والساحل الشمالي من افريقية يطربون في البلاد الفرنسوية ويؤثرونها على غيرها من بلاد الغرب في التجارة والتعلم والنزهة فإن معرفة لغة قوم هي مفتاح جميع هذه الأعمال وتعليل صحيح لعامة هذه الأحوال.

انتهت فرنسا قبل غيرها لاستتباع الشرق الأقرب بتعليمه على مناحيها وتلقينه لغتها فكانت منذ زهاء قرنين تبعث البعوث وترسل المعلمين بمدينتها ولغتها فلم يمض زمن طويل وفرنسا إذا ذاك صاحبة الكلمة الأولى في السياسة الغربية قبل انكلترا وألمانيا وروسيا إلا والخاصة في هذه البلاد يعرفون الافرنسية ويأخذون عنها ويؤثرون الفرنسيس على غيرهم