السعادة فيه كان حرياً بأن يعمل الأعمال العظيمة خارجه إذ يجد له في منزله سلوى وعزاءً وراحةً وهناءً.
رأيت كثيراً من شباننا يشكون انحطاط تربية المرأة العربية وقلة ما عندنا من ألفتيات المتعلمات اللاتي يلقن للزواج الذي تكون منه سعادة الأسرة الحديثة قوامها الآداب العصرية والفضيلة والمعارف ولكنني لم أر شاباً من هؤلاء المتعلمين ولا ممن سبقوهم من العلماء من عني بتعليم أخته أو ابنته التعليم الراقي ولا من فكر في تأسيس مدرسة ابتدائية من الطراز الحديث لتلقين البنات مبادئ تنفعهن حقيقة في تأليف البيوت التي يرفرف عليها طير السعد والرغد. النظريات عندنا كثيرة ولكن العمليات لم نسلك طريقها ويا للأسف حتى الآن. أوروبا ممدنة العالم وجنات النعيم المقيم وقرارة الراحة ومستقر الهناء أيقضى يا ترى على مدنيتك البديعة وتنحل بما حوت ديارك من جمال الوجوه وجمال ألفعال ووفرة العلم والغنى وآثار الغبطة ومعاهد الصفاء والنعمة ليقوم الشرق فيستلم زمام هذه المدنية ويكمل ما بدأت به أو يمزقه تمزيق الأخرق الأحمق كثروة ورثها ولم يعرف قيمتها أم تسلم لك هذه الحياة السعيدة وتقل مؤلماتها وموبقاتها ويعم الشرق أثرها فيشاركك في كل معنى من معانيك البديعة ويكون حظه كحظ البلاد الراقية من ربوعك ويتحرر من أسره السياسي وأسره الاقتصادي وأسره العلمي ويتخلص من التبعية لك في كل ما يدل على ضعفه وتراجع أمره.
تيار الغرب ينهال علينا فيأتينا تارة بحماة وطوراً بقليل ماء فهل نرزق التوفيق يا ترى فنكرع من معينه ونطرح كدوراته أم نتناوله على علاته ولا نكاد نسيغه.
إن ما لدينا اليوم من أسباب القوة لا يقوم في وجه ذلك التيار لأنها ضئيلة لا كفاء لها بالمقاومة ولعمري إن ألف أمي وأمية لا يوازي عقلهم عقل متعلم أو متعلمة واحدة.
كانت حكوماتنا ومجتمعاتنا حتى الآن تعد الجهل قوة والانحطاط نهوضاً. وكلما كانت الأفكار منصرفة إلى وجهة واحدة يعينها صاحب الشأن كانت تلك المجتمعات تغتبط وتفرح ولطالما قال بعض من أحسنت الأمة ظنها بهم قروناً واستولوا على عقلها وقلبها وتصرفوا بعجرها وبجرها إذا قيل لهم أن العلم الفلاني مفيد ينبغي أن يكون في الأمة أفراد يعرفونه: أن هذا العلم لا تنفع معرفته ولا يضر جهله.