بيد أن الأيام أثبتت أننا في أشد الحاجة لكل علم وفن ومجتمعنا العربي العثماني لا يقوم حق القيام إلا متى عمد أفرادنا إلى الأخذ من كل مطلب من مطالب الحياة كما هي سنة من سبقونا ومن الأسف أننا لم نبرح في مجتمعنا نشاهد ناشئتنا الكريمة على الأغلب تميل إلى المذاهب الاتكالية وأكثرها يؤثر التوظف في فروع الإدارة والجندية ولو كانت هذه غير رابحة في الجملة.
إن جعل وظائف الحكومة هدفاً لنا في تعلمنا هو الذي أفقر هذه المملكة وجعلها في مؤخرة الممالك في عمرانها وثروتها وراحتها. والمال أساس الأعمال ولا يأتي به إلا المتعلمون من الرجال.
فهل لكم يا رجال الأمة أن تحققوا هذا الظن بكم فقد سئمنا ونحن نسمع من إقبال المتعلمين من أمثالكم على الوظائف والزهد في الصناعات الحرة وإني لا أخجل إذا قلت أن صانع الخزف والفخار والقرميد أنفع لهذه الأمة من وزير متوسط القريحة ضعيف مادة العلم لا يحسن عمله وقد وصل إلى منصبه بالمصانعة والشفاعات وإن دباغ الجلود أو صباغ الحرير والقطن أشرف من فقيه تعلم بعض فروع المعاملات ليتولى بعض الأعمال القضائية والشرعية.
وبعد فرجائي إليكم يا شبان هذه الأمة وبغيركم لا يتجدد شبابها أن تجعلوا نصب أعينكم الأعمال الاستقلالية ويكفي بعضكم أن يتولى الأعمال الإدارية وغيرها في المملكة فإن الكل لا تتسع خزينة هذه الأمة لإعاشته خصوصاً وأنتم تعلمون ضائقة الموظفين وأن جيوبهم في الغالب فارغة تتقاذفها الرياح لأنها خالية وهم على الدوام مثل تجار البورصة إقبال وأدبار والأدبار في الأكثر هو الغالب.
من لي بأن يعمل كل واحد من شبان هذه الأمة الواجب عليه أولاً ويتوفر على دراسة ألفرع الذي يمت به فإن ست الدراسة معينة محدودة لا ينبغي أن يعمل فيها ما يجب عمله في غيرها ومتى أتم الطالب ذاك الدور فلا جناح عليه إذا اشتغل بالعموميات فمشركة الطالب في المسائل العلمية يجب أن تكون في سن الدراسة إلى حد محدود وبعد ذلك فهو في حل من الاشتغال بما أراد.
أنا أحب أن أشهد من أبناء أمتي وقرة عينها رجالاً يفكرون في ترقية نفوسهم وذويهم