وبيوتهم والأخذ بأيدي إخوانهم أكثر مما أحب أن أراهم يفكرون في المسائل الاجتماعية الكبرى التي يضيع بها الوقت على غير طائل بالنسبة إليهم وإن كان الواجب على كل وطني أن يصرف من وقته وفكره شطراً ولو قليلاً للنظر في المسائل العمومية.
تلامذة الكليات في ألمانيا هم الذين هيئوا الوحدة الألمانية ووضعوا أساسها في القرن الماضي ولكن كان العم رائدهم وكان عملهم يقف عند حد محدود فهل يأتي يوم على هذه الأمة البائسة يا ترى تشهد فيه طلاب مدارسها العليا بعد أن يتموا وظائفهم المدرسية يفكرون في الخير العام لأمتهم خصوصاً متى أتموا سني الدراسة وأصبحوا أحراراً في أعمالهم وإرادتهم.
نعم أيها الإخوان إن الشفيق بسوء ظن مولع وإن ما يتمثل للأنظار من مدنية أوروبا مهما كان ظاهره فيه الرحمة فرحمته لأهله لا لنا ونحن لا رحمة لنا إلا إذا أتتنا على أيدي رجال لنا أمثالكم وهؤلاء لا يأتون بعمل تام إلا إذا شاركهم النساء وحسن نظام البيوت وتنظيمها على الأساليب الغربية نعم نحن لا حياة لنا إلا إذا تعلم الرجال وربات الحجال التعليم اللازم وقام كل واحد بواجبه ووحدنا المقاصد في التربية والتعليم.
إن القليل المتعلم منا لا يؤلف أقل أمة صغيرة وهذه الزهرات التي أراها مهما بلغ من نضارتها تضيع بين ما هناك من عوسج وبلان فلا سبيل إلى وقايتها إلا بتنقية هذا الشوك ما أمكن ولا ينقى بغير معول العلم والتربية ومعرفة الواجب والعمل بسنة الغرب التي سلكها في الترقي على تعديل طفيف يدخل فيها بطبيعة الإقليم والعادة.
إن ناديكم هذا مثال من أمثلة التضامن ولكن أمتنا لا تعد مرتقية إلا متى كان في كل مدينة بل في كل قصبة من مدنها وقصباتها أندية تنسج على منواله في التعارف والتعاطف وتوقد في الصدور جذوة الغيرة الوطنية وتحمس النفوس إلى طلب العلم ويأخذ القوي بيد الضعيف حتى يساويه في المنزلة ويتدبر الكل في مستقبل مجيد للأمة يخرج بها إلى حالة أحسن من حالتها الآن ويتعلم ابن ألفلاح الصغير كما يتعلم ابن الغني الكبير وإذا لم تقم جميع أعضاء هذا الجسم لا ينمو ولا يتم له بقاء.
واجباتكم أيها الأعزة كثيرة جداً والأولى البدء بالجزئيات ولكن على شرط أن نبدأ ونجعل تاريخ الأمم التي نهضت قدوتنا ومهمازنا على العمل يجب أن تكون مدنية الغرب إذا أردنا