أن نحيا حياته مصدرنا وموردنا وبدون ذلك ألفناء المطلق والعياذ بالله أو الاندماج في جسم الأمم الغربية التي تبسط أيديها علينا اليوم بعد اليوم.
إننا لا نحيا غلا بقوميتنا على نحو ما كان أجدادنا أمس وحال أمم الحضارة الحديثة اليوم ولكن هذا اللفظ الجميل - لفظ القومية - لا يطابق معناه مبناه إلا باتخاذ جميع أسبابه على نحو ما يعمل المجر والبولونيون والإيطاليون وما يجري من منافسة محمودة بين الفالونيين والفلامنديين في البلجيك والألمانيين والفرنسيين في سويسرا.
ومن دواعي الحسرة أن من رحلوا من أبناء العرب إلى ديار الغرب يدرسون في معاهد العلم ليستحقوا الاسم العربي الشريف بالفعل لا بالقول أقل عدداً من أكثر عناصر هذه الدولة. نعم هم أقل من الأتراك والروم والأرمن هذا مع أننا أكثر من نصف سكان هذه المملكة المحبوبة وبلادنا أغنى من بلاد تلك العناصر التي أخذت ما استطاعت من الحكومة لتعليم أبنائها وقامت بسد العجز من أموالها الخاصة.
بلغني أن في نية الحكومة السنية إرسال ستين طالباً من أبناء العرب إلى مدارس أوروبا العليا فإن صح النبأ عد من أعظم الإصلاحات. وإن كان هذا العدد دون الواجب أيضاً وذلك بأنه إذا خمنا عدد طلابنا الآن بستين طالباً بلغ من قابل مجموع طلبتنا في الغرب مائة وعشرين وهم لا يبلغون نحو سبع طلبة الإيرانيين في مدارس أوروبا مع أن العرب العثمانيين أكثر سواداً من الإيرانيين بالتحقيق.
هذه عددنا وهذا ما عددناه هذه أداؤنا وتلك أدويتنا وبأيديكم وأيدي أمثالكم خلاصنا فلا تخيبوا آمالنا فيكم معاشر الشبيبة المستنيرة. العبء ثقيل عليكم وبتضامنكم وتماسككم يهون كل عسير على شرط اطراد العمل وإتقانه ومضاعفة الأفعال أكثر من الأقوال وصرف المسعى إلى المنتج النافع والزهد في التافه العبث والله يتولاكم ويسدد مراميكم ويقر عيون أوطانكم بنجاحكم ويجعل منكم أعضاء عاملة في جسم مجتمعنا وأصواتاً داعية إلى كل نافع ورافع إنه سميع الدعاء.
أرض اليونان
اغتنمت فرصة إرساء الباخرة الرومانية التي ركبتها من الأستانة إلى الإسكندرية في ميناء بيرا لازور أثينا مدينة أرسطو وسقراط والمسافة بين بيرا وأثينا تسعة كيلومترات تقطعها