توسلوا إلى العربية بتعليم لسانها ثم خدموا مؤلفاتها بالطبع واقتبسوا من حكمتها بالترجمة. ألف الأستاذ (هردر) كتاباً في قواعد العربية فكان الكتاب المتداول عندهم في التدريس وقد توالى عليه الطلب هذه المدة بإعادة طبعه. وألف كتاباً يفسر فيه المفردات الألمانية بما يرادفها من العربية وأنجز طبعه في مجلد ضخم ثم وضع كتاباً آخر اقتصر فيه على الكلمات المألوفة في الاستعمال.
ترجم المستشرق الأستاذ (منفوخ) كتاب علاج العيون لعمار الموصلي وفصل علاج العيون من كتاب علي بن عيسى في صناعة الطب وفصل علاج العيون لابن سينا وكتاب وقائع العرب لأبي عبيدة بن المثني الكبير والصغير ونقل إلى الألمانية أيضاً ترجمة حمزة الأصفهاني وترجمة ابن سعد مؤلف كتاب الطبقات. وترجم المستشرق (ريثر) قصائد أبي الأسود الدؤلي ومقامات الهمذاني وأطباق الذهب لعبد المؤمن الأصفهاني ومقامات الزمخشري والأدب الصغير لابن المقفع وكتاب أحسن ما سمعت للثعالبي طبعها ثم ترجم كتباً لم تبرز في عالم الطباعة مثل الأدب الكبير لابن المقفع ومقدار الربع من معجم البلدان للبلاذري. وربما طبع الكتاب والرسالة بلسانها العربي وعلق عليها بعض بيانات بلسانه الألماني مثل شرح ابن الأنباري لمعلقة زهير وشرحه لمعلقة عنترة ورسالة المذكر والمؤنث لابن جني ورسالة في بقايا الأشياء لأبي هلال العسكري وكان هذا الأديب يحاورني في كثير من معاني الأبيات أو الحكم المنشورة وربما تعاطى الترجمة في أثناء قيامه بالوظيفة العسكرية وبمثل هذه التراجم القديمة والحديثة كان للسان العربي كما قال أحد أساتذتهم آثر في رقي آداب اللغة الألمانية. ويشهد بصحة ما قاله ذلك الأستاذ أن أشهر شعرائهم (كيتي) المتوفى سنة ١٨٣٢ نظم قصيدة إبراهيم عليه السلام في أسلوب فلسفي وصرح أنه اقتبسها من القرآن الكريم. والمعروف عندهم من هذا الشاعر المستشرق أنه كان يحترم الإسلام ويعترف بحكمته.
عنايتهم باللسان العثماني
ليست عنايتهم بالعربية لهذا العهد بأوسع من وجهتهم المصروفة في اللسان العثماني فقد