فليخضع السادات دون سريره ... كخضوع وجه الأرض دون سمائه
وبالجملة لو شبهته بذي المحاسن كلها لما أصبت في الجميع دقها وجلها ولعمري أن لساني كليل في فضائله وفواضله ومعارفه وعواطفه ولطائفة:
لا يدرك الواصف المطري خصائصه ... وإن يكن سابقاً في كل ما وصفا
إلا وهو السلطان بن السلطان السلطان سليم خان الثالث بن السلطان مصطفى خان الثالث بن السلطان أحمد خان الثالث لا زال لواء مجده منشوراً وطالع سعده منصوراً حائزاً في سلطنته مكاناً وتمكيناً ومظهراً لقوله إن فتحنا لك فتحاً مبينا ومصدقاً لقوله وينصرك الله نصراً عزيزاً ومشمولاً بقوله والله يؤيد بنصره من يشاء:
من قال آمين أبقى الله مهجته ... فإن هذا دعاء يشمل البشرا
لكن نسبة هذه التحفة إلى بابه كرجل جرادة من نمل على بابه فو الله لم أتحف هذا إلا لكون الهدية عن قدر مهديها ولكون هذا وإن كان في ذاته شيئاً قليلاً لكنه لندرته بل لعدم أمثاله يكون لدى حضرته أمراً مقبولاً ولأن نقل علم بقي في القوة إلى الآن براعة استهلال ظهور ألفتوحات في هذا الزمان وبالجملة فكل ما هو عظيم بالذات والصفات فهو بالنظر إلى عتبته العلياء بضاعة مزجاة فتوسلنا إلى بابه حتى نتوصل إلى نيل آمالنا لدى أعتابه اللهم انصره نصراً عزيزاً وافتح له فتحاً قريباً واجعل بابه محط رحال الأفاضل وملاذ أرباب ألفضائل وعون الإسلام والمسلمين وغوث الأنام والمؤمنين وسلمه في كل حالة باسمه السلام وأعانه في مهام أموره بالإلهام وأسعده في الدارين كل الإسعاد وفسح في عمره بالنصر والإمداد ورحب أسلافه يوم المعاد وهو الموفق للسداد والرشاد أهو ومن هنا شرع في بيان مقدمة الكتاب إلى آخر فصوله ولو أردنا أن ستقصي كل ما جاء فيه من سديد الآراء والأفكار ومحاسن الأبحاث ونفائس الموضوعات لضاق بنا المجال ولكن يكفي للاستدلال على أنه ذخيرة نادرة من آثار السلف كون موشي بردها من أعظم قضاة الشرع في الزوراء وكون مقتنيها ذلك الرجل العظيم داود باشا كبير وزراء الدولة على عهده وكونه مهدى إلى ملك هو من أجل ملوك آل عثمان قدراً وارفعهم مقاماً واسماهم ذكراً نعني به السلطان سليم الثالث ولكي يقف القراء على درر محتوياته وجواهر مضامينه ومقالاته استخلصنا نبذة صغيرة من متن الكتاب تاركين الشرح خشية الإسهاب والأطناب وهو مثال