للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أمثلة جلالة قدر هذا السفرقال في حد الدرس والتدريس: انه علم تعرف به أحوال الدرس والتدريس إجمالا لتعصم مراعاته عن الخطأ فيه والدرس هو العبارة الصالحة للتدريس فيها من كتاب أو رسالة أو غيرها والتدريس ملكة يقتدر بها على تقرير ما فهم من العبارة مع القدرة على إنادة كل ما لها وما عليها ومن الجرح والتعديل وهو لا يتحقق إلا بعد الكمال العرفي بل الحقيقي فالدرس لا يصح إطلاقه إلا على من له وقوف تام على القواعد بشرا شرها مقتدراً على إجرائها في كل مجاريها إذا اهتم كما إن ألفقيه لا يصح إطلاقه إلا على من له ملكة الاستنباط في كل مسألة وإن الحكيم لا يقال إلا على من له إطلاق تام بحقائق الأشياء كافة بحسب الطاقة البشرية وبالجملة إن أهل كل فن من ألفنون المدونة لا يصح إطلاقه عليه حقيقة إلا إذا بلغ درجة لو عرض عليه أية مسألة وأية شبهة يقتدر أن يجيب عليها بجواب صحيح وكثيراً ما يطلق التدريس على التقرير مطلقاً. وقال في تعريف موضوع هذا العلم: الدري والتدريس المشاركان في الانتساب إلى الإفادة أو في التعقل لأنهما متضايقان على أن الدرس جزء من التدريس بل في جميع الأعراض الذاتية وذلك لأن ما يلحق الشيء لجزئه الأعم وإن كان عرضا غربياً عند الأقدمين إلا أنه عرض ذاتي عند الآخرين وأما أحوال التدريس فلمساواته التدريس في الوجود والغرض معرفة الأحوال الجزئية الإجمالية للدرس والتدريس وفائدته العصمة عن الخطأ في الأحوال الجزئية. وأفاض في فصل أقسام الدرس إذ قال: إن الدرس إما بسيط وهو ما لا خلاف فيه حقيقة أو حكما وأما مركباً وهو بخلافه وكل منهما إما (؟) فالبسيط منه ما يحتاج إلى تفكير مكرر كقول المتنبي:

ولو فلم ألقيت في شق رأسه ... من السقم ما غيرت من خط كاتبه

والمركب ما يفتقر إلى تحرير محل النزاع كقول الأصوليين: التكليف بما لايطاق غير جائز عند النفية وقد يبلغ النكور إلى درجة الأجبار والأشكال كما سيجيء بيانهما وأما ميسور وهو ضد المنكور ثم إن المنكور إن ظهر المراد منه بعد إرادة ألفكر فهو معلوم كقوله:

ولو أن ما بي من جوي وصبابة ... على جمل لم يبقى في النار كافر

وكالألغاز والمعميات المقطوعة أسرارها كلغزي القلم ولغز العروة والذرة وكمعمى رحيم