نفور يزداد كل يوم تأصلاً ولهذه الكراهة عدة أسباب سياسية واجتماعية بعد أن تفاربت الأبعاد باختراع البخار والكهرباء أصبحت الأمم تستكثر من التسليح وتضع عقبات كمركية تقطع الاتصال بين المماليك وسيكون من أمرها بعد أن تطوق كل مملكة بطوق كسد الصين أن لا ترى الأمم هذا السد كافياً للحيلولة بينها وبين غيرها حتى لقد أخذت الحكومات حرة دستورية كانت أو مطلقة ألهية تقول بالابتعاد عن الأجانب فبعد أن أقرت أميركا كما أقرت أوستراليا على نفي الصينيين من بلادها أخذت تحظر دخول السفن الحاملة مهاجرين فقراء وحزب العملة في إنكلترا ينادي بطرد العملة من غير الإنكليز والحكومة الروسية عملت بإدارة العامة من شعبها وربما كانت هذه الإرادة أقوى من أي سلطة أعظم من القياصرة فقضت بطرد الإسرائيليين من المدن الكبرى والحكومة البروسية تطرد البولونيين والطليان الذين يعملون في سككها الحديدية وسويسرا بعد أن رفضت سنة ١٨٩٤ القانون القاضي بعد إعطاء عمل للعملة الأجانب أنشأت تطلب في تعهداتها مع المتعهدين للوازم الحربية أن لا يكون صناعها إلا من السويسريين وكذلك جرت فرنسا في عامة أحوالها كل هذا مما دل على القرن العشرين لم يقو على بث مبادئ الإخاء العام بين البشر وأنه لا سبيل إلى أحكام أواصره بين العناصر المختلفة إلا إذا جهل بعضهم ما عليه صاحبه فأنت إذا قربت بين الشعوب بتقريبك بين المسافات الشاسعة وسهلت ارتياد البلاد على كل مرتاد تحكم عليهم أن يعرفوا بعضهم معرفة تامة فينتج من ذلك أن يضيقوا ذرعاً أكثر من الأول عن تحمل بعضهم بعضاً ذلك لأن تزايد نفوذ الغريب في بلد هو من مقوضات حياة المماليك فالنفوذ الأجنبي يسلب من الأمم أعز ما عندها ونعني به روحها فإن الدخيل لما كثر في مملكة الرومان انحلت وتأذن الله بفنائها الأجنبي في بلاد غيره لايخضع لقانون التجنيد ويدفع أو قد لا يدفع قليلاً من الضرائب ويعمل عملاً أسهل بأجر أكثر مما في مسقط رأسه وتوارد الأجانب على مملكة يحاذر منه لأن العناصر المنحطة التي لا تقدر على القيام بأودها في بلاده هي التي تهاجر ومهما ذهب من الأنفس في ساحات الحروب لا يكون تأثير ذلك في الأمم بقدر ما يكون من غارة الغريب والدخيل على بلد ليس هو منها في العير ولا في النفير كان القدماء يخافون الغريب من فطرتهم ويعرفون حق المعرفة أن قيمة المماليك لا تقدر بعدد سكانها بل بعد الوطنيين فيها وكل دولة كانت ذريعة إلى السلم العام الدائم تقضي