للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تضر نفسك أكثر مما تضر غيرك. إن أصل المادة بأسرها أجزاء صغيرة لا تدركها الحواس تتجزأ في بعض الأحوال دون بعض. إن الصداقة تنتهي حيث يبتدئ الحذر إنا خلقنا نشعر بالألم لنحذر من أن نؤلم سوانا أحسن وقاية من النميمة أن تسد أذان عنها وأن يكتب تجاهك أبداً قول بعضهم (لا تصدق كل ما تسمع) الوعظ من أسباب الحياة الجسدية والحياة الروحية لمن يؤثر فيه إلى ما يضارع هذه الروائع ويشاكل هذه النواجع.

٨ً مجونه وأزجاله

كان رحمه الله ينزع المجون والأحماض في الأحاديث أو إحجاماً للخاطر ليس إلا على حد قول الشاعر:

أروح القلب ببعض الهزل ... تجاهلاً مني بغير جهل

أمزح فيه مزح أهل ألفضل ... والمزح أحياناً جلاء العقل

ولذلك كثرت نوادره وأزجاله وأشعاره الدالة على بداهته وسرعة خاطره فكان إذا آنس من السامعين انقباضاً أو مللأولا سيما في العمليات البحتة ونحوها بنكتة رائعة تستجم خواطرهم وتلفت أسماعهم وتتلاعب بعواطفهم فيثيب إليهم نشاطهم ويتجدد ارتياحهم كما قال الرشيدالنوادر تستحد الأذهان وتفتق الآذانوإذا استقرينا أخلاقه منذ صغره رأيناه مولعاً بهذا الأسلوب الفكاهي وهذه الرقائق المستحبة حتى أنه لما كان يدرس في (عبيه) في صبوته سمع أحدهم يفاخر بقول الشيخ ناصيف اليازجي من قصيدة رقيقة:

كلفت حمل تحيتي ريح الصبا ... فكأنني حملتها بعض الربى

لا تجمل الريح الجبال وليتني ... كلفتها حملي فإني كالهبا

فقال المترجم له: وأين يروح الشيخ بعمامته وكبرهاثم لما غار المدرسة وجاء بيروت اجتمع باليازجي سنة ١٨٧١ قبل وفاته فقال له الشيخومإذا ثقلت عليك عمامتيفأجابه الحورانيوالله لو عرفت أنه سيبلغك حديث العمامة لما رأيتك إلى يوم القيامةومن نكاته أنه لما كتب في (أشكال أجزاء المادة) لم يفهم كلامه إلا القليلون فقال عنه بعضهم أنه كتب في أمر لم يدركه حق الإدراك حتى أبهم قولهفأجابه الحورانيوأنا أثني عليه أصاب أم لم يصبوله كثير من أمثال هذه الرقائق التي تدل على ظرفه وبديهته ودماثة أخلاقه أما نكاته الشعرية المجونية فمنها أنه كان مرة يروح النفس على شاطئ نهر العاصي حمص فعثر