للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عين رقبائك وختم على أفواه عذالك ثم راودك على أن تنزع حلية أدبك فقل ليس للفضيلة وطن كيف تسترسل مع الأصحاب إلى أن تحيد عن جانب ألفضيلة وهم لا يرقبون ذمتك فيقفوا لك عند ما تقف في دائرتها. أسير مع الرجل على قدر ما أدرك من قيمته فإن نظرت إليه على حسب وجاهته أو كساد سمعته عند الناس فقد ألقيت بنفسي في حمأة من التقليد. إذا أحببت الذي يجاملك وهو يحارب الله لم يكن بغضك لمن حارب الله وأمسك عن مصانعتك من قبيل الغيرة على حرم الشريعة. لا يدرك قصير النظر من الحدائق المتناسقة غير أشجار ذات أفنان وثمار ذات ألوان وإنما ينقب عن منابتها وأطوار نشأتها ذو فكرة متيقظة. لا تحمل نفسك مالا تطيق من منة وضيعاً ونخوة فخور فإذا أحسست في صدرك بالحاجة إليه فاصنع ماذا تصنع لو بقي في مولته الأولى أو أدركته مولته الثانية. لا تعجب لذوق ينكر ما ألفته أو يألف ما أنكرته حتى ينقلب في التجارب والمشاهدات التي تقلب فيها ذوقك أطواراً. قد يقف لك الأجنبي على طرف المساواة حتى إذا حل في وطنك غالباً دفعك إلى درك أسفل واتخذ من عنقك موطناً. في الناس من لا يلاقيك بثغر باسم إلا إذا دخلت عليه من باب الغباوة أو خرجت له عن قصد السبيل فأحتفظ بألمعيتك واستقامتك فإنما يأسف على طلاقة وجهه قوم لا يفقهون. إن من الجهال من يرمي على مقام وجيه فعلمه بسيرتك القيمة إن الجهالة لا ترجح على العلم وزناً وإن وضع بإزائها السلطة الغالبة أو الثروة الطائلة يكفي الذي يسير في سبيل مصلحة الأمة وهو يلاحظ من ورائها منفعة لنفسه يكون في حل من وخزات أقلامها أما أطواق الشكر الصادق فإنما يتقلدها المخلصون ألا ترى الماء الذي في مجاريه الأقذار كيف يتهجم منظره ويخبث طعمه فاطرد عن قلبك خواطر السوء فإنه المنبع الذي تصدر عنه أعمالك الظاهرة لا تنقل حديث الذي يفضى به إليك عن ثقة أمنك وحسن عقيدة في أمانتك ويمكنك متى كان يرمي إلى غاية سيئة أن تجعل مساعيك عرضة في سبيله فتحفظ للمروءة عهدها وتقضي للمصلحة العامة حقها لو فكرت في لسانك حين يعرض لاطراد نفسك لم تميزه عن السنة تقع في ذمها إلا بأنه يلصق بك نقيضة لا يحتاج في إثباتها إلى بينة إذا ركبت في السياسة مركب الشعر فقلت ما لا تفعل أو همت في واد لا تعرج فيه على حق فانفض ثوبك من غبارها فإنه ليس بالغبار الذي يصيبك في سبيل الله أصغي ذلك الأستاذ إلى هذه المخاطرات فابتسم لها ابتسام