إلى آخر ما هنالك من التهكم ووصف بسالة المعتصم وإقدامه وتنكيله بأعدائه
ومن لطيف ذلك أن عبد الملك بن مازة البخاري دخل عليه مملوك وفي يده قوس فقال مشيراً إلى حلول الشمس بالقوس سعد وبالعقرب نحس:
تهاني لما بدا عقرب ... على خده أن أروم السفر
فقلت وفي يده قوسه ... أسير ففي القوس حل القمر
ومثل ما عند العرب كان عند الأعاجم فالتاريخ يروي لنا: أنه بينما كان أسطول اليونان على أهبة السفر لمحاربة السبرطيين في ٣ آب سنة ٤٣١ ق م وكان بيركليس على ظهر السفينة حدث كسوف فتشاءم البحارة من ذلك الظلام القاتم وكادوا يتقهقرون جزعاً فأسرع بيركليس ووضع رداءه على وجه أحد القواد قائلاً له: أست في ظلمة وهل في ذلك ما يخيفك؟ وأي فرق بين هذا الظلام وذاك القتام سوى أن الأول ناتج عن شيء أعظم من ردائي وهكذا استبقى قواهم واستعاد نشاطهم. إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة.
هذا ما احتمله المقام من النظر في أوهام الناس في الأفلاك والمواقيت ونحوها مما يتعلق بالجو وظواهره وفي فرصة أخرى إن شاء الله نعود إلى الكلام في تأثير النجم من سيّار وثابت على البسطاء عند الأمم قديمها وحديثها.