وعرارها ولا تسأم من مناظرها لأنها منوعة في تقاطيعها وجمال هندستها بحيث لا تمل العين النظر ولا الأنف الشم ولا الأذن السماع لحفيف الأشجار وتمايل أغصانه وثغاء حملانه وخرير مياهه وأصوات عندليبه وعصفوره.
إن من يسمع من بعد وصف (كولك بوغازي) يقول في نفسه ماذا عسى يكون في هذا المضيق وجبال الدنيا كثيرة متشابهة صخور وتلعات وأكمات ومنفرجات وبطون وشيح وقيصوم وسنديان وزان ولكن جبلنا هذا لا يشبه إلا جبل بحال لأن مدبر الأكوان خلقه على غير مثال من الجبال ولون صخوره وأحسن قطعها فمنها الكبير الهائل ومنها الصغير الحقير وتربته حمراء وسوداء وبيضاء ترى تارة في الهضاب طريقاً معبدة من الصم الصلاب أومرصوفة بالتربة الذكية غرست فيها يد القدرة أشجار الأرز غرساً يتخلل الهواء بينها ولا تنبوالعين عنها لعدم نظامها واختلال هندستها وترامي أبعادها وهناك الأشكال الهندسية برمتها فمن تلعة مستطيلة إلى أخرى هرمية وبجانبها ذروة ذات شكل بيضوي وآخر محدود أومربع أوقائم الزوايا أومنفرجها جعل بعضها إلى جانب بعض ومساحتها السطحية متقاربة وكلها مزينة بالأشجار. أنت هنا تجتاز وادياً ولا كالأودية بحيث تعطي الحق لمن قال في القديم ماء ولا كصدأ ومرعى ولا كالسعدان وفتى ولا كمالك ولورأى القائل الدرب لقال مضيق ولا كهذا وجبال لا كطوروس.
هذه العظمة في الخلق التني تراها ماثلة على أتمها في جبال وروس التي أعجزت ألفاتحين من الأقدمين والمحدثين فكانت كالحاجز الطبيعي الذي لا يرام بين الثغور وبين بلاد الروم عامرة بطبيعتها هندسها ألفاطر وحفها بأنواع البهجة والزينة بحيث لا تملها نفس مهما اكتأبت وتود لوتقضي فيها شطراً من العمر بعيدة عن ضجة العالم وأوهام الخلق وترهات المتمدنين والمتبربرين. .
جبال وروس البديعة لقد أعجزت ألفاتحين عن اجتيز مضائقك كما أعجزت الشعراء والمصورين عن رسم بدائعك وخصائصك فما هذا الإبداع الذي عز نظيره في الأصقاع والبقاع. إيه يا منطقة البكم بالشعر ومعجزة المتكلمين في ذكرى فضائلك وفواضلك. إن جبال الألب التي استبت الألباب ببدائعها وجبال الكاريات التي اشتهرت بصياصيها الطبيعية وجبال حملايا المعروفة بسموها هي دونك في جمع كل هذه المعاني ولوهيأ لك ما